responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 90

من ادعى الصلاح و بنى البناء المحكم فرحا بالدنيا فهو كاذب في دعواه لا سيما من ادعى الانقطاع إلى اللّه تعالى فإن ذلك لا يليق به بحال إلا إن كان يرصد ذلك عن جهات بر و صدقة و نحو ذلك فيكون الباعث له على أحكام البناء دوام الصدقة بعد موته، كما وقع لسيدي مدين و سيدي أبي العباس الغمري و أضرا بهما رحمهما اللّه تعالى فلا حرج على ذلك ا ه، و قد مر سيدي الشيخ عبد القادر الجبلي رحمه اللّه على شخص يبني دارا و يحكمها فأنشد يقول:

أتبني بناء الخالدين و إنما

مقامك فيها لو عقلت قليل‌

لقد كان في ظل الأراك كفاية

لمن كان يوما يقتفيه رحيل‌

و ممن أدركته على هذا القدم شيخنا سيدي علي الخواص رحمه اللّه تعالى كان يعيب على الفقير إذا رآه يبني دارا و يقول له: إن الذي تصرفه على هذا البناء لا تلحق تسكن به، و لما بنى أخي أبو العباس رحمه اللّه له بيتا في جامع البشير صرف عليه سبعمائة دينار زجره الشيخ و قال له: لو سكنت بأجرة لكفاك العشر مما صرفته في هذا البناء و كنت تتصدق بالباقي، ثم مات أخي أبو العباس بعد سبع سنين أو نحو ذلك و كان الشيخ رحمه اللّه تعالى يقول: إذا عمر الفقير بيتا من أموال إخوانه فمن الأولى له نصحهم في عدم صرفهم مالهم في ذلك و إرشادهم إلى ما يكون أثقل في ميزانهم يوم القيامة، هذا لو أنهم سألوه في ذلك فكيف لو فعلوا ذلك عن سؤال منه تعريضا أو تصريحا.

و قد درج السلف الصالح كلهم على عدم الحرص و طول الأمل حتى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بلغه أن أسامة بن زيد رضي اللّه عنهما اشترى وليدة إلى شهر فصار صلى اللّه عليه و سلم يقول ألا تعجبون من أسامة المشتري إلى شهر و اللّه إن أسامة لطويل الأمل، ثم قال صلى اللّه عليه و سلم: [و اللّه ما رفعت قدمي و ظننت أني أضعها حتى أقبض و لا فتحت عيني و ظننت أني أغمضها حتى أقبض و لا لقمت لقمة و ظننت أني أسيغها حتى أقبض‌] و في رواية «حتى أغص الموت».

و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: من جاع و قصر أمله لم يجد الشيطان محلا من قلبه، و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: يا ابن آدم إنما أنت أيام فكل يوم يمضي فقد مضى بعضك، و قد أقاموا الصلاة مرة بحضرة معروف الكرخي رحمه اللّه تعالى فقدموا فقيرا ليصلي بهم فأبى و قال أخاف أن أموت في الصلاة فأشوش على الناس صلاتهم فعزموا عليه فقال بشرط ألا أصلي بكم صلاة أخرى، فقال له معروف عند ذلك تأخر يا

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست