و قد كان سيدي علي الخواص رحمه اللّه تعالى
يقول: لا يكمل الفقير حتى يكون ليلا و نهارا كأن أهوال القيامة نصب عينيه لأجل أن
يستعد لها من هذه الدار، و كان رحمه اللّه تعالى كثيرا يقول: من أراد هدوء السر في
القبر فلا يجعل له سريرة يفتضح بها يوم القيامة و ما دام له سريرة سيئة فالرعب من
لازمه إلى أن يبعث من قبره مرعوبا، و لذلك كان لقمان 7 يقول لابنه: يا بني
كما تنام كذلك تموت و كما تستيقظ كذلك تبعث فاعمل عملا صالحا لأجل أن تنام و
تستيقظ كالعروس و لا تعمل سوءا فتنم و تستيقظ مرعوبا كالمجرم الذي طلبه السلطان
ليسفك دمه.
و كان أويس القرني رحمه اللّه تعالى يقول: استعمل الخوف في هذه الدار
فإنه أنجى لك من العذاب، و كان سيدي علي الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: اعمل لنفسك
و لا تعول على غيرك من صاحب و شيخ فإن لكل منهم يومئذ شأنا يغنيه، وصف أعمالك من
الرعونات فإن نورها يوم القيامة على قدر إخلاصك فيها و اعلم أنه لا يستضيء منافق
في نور مؤمن كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، و كان كعب الأحبار رضي اللّه عنه
يقول: من أغلق بابه و عصى اللّه تعالى و استحيا من المخلوقين دونه عز و جل حاسبه
اللّه تعالى حسابا شديدا و وبخه توبيخا منكرا ثم نظر إليه نظر الغضب و يقول
لملائكته خذوه فيبتدره ألف ملك أو يزيدون و يسحبونه على وجهه، قال: فيتفتت في
أيديهم فانظر يا ابن آدم هل وقعت في ذلك و تشفع بأنبياء اللّه و رسله عسى أن يغفر
لك لأجل من استشفعت بهم.
و كان الربيع بن خيثم رحمه اللّه تعالى يقول لنفسه: كيف بك يا ربيع
إذا حملت الأرض و الجبال فدكتا دكة واحدة، و قد كان أبو عمران الجوني رحمه اللّه
تعالى يقول:
إن البهائم إذا رأت ما يصنع ببني آدم يوم القيامة تقول الحمد للّه
الذي لم يجعلنا من بني آدم، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: لا تكن ممن
يفضحه الميزان و الحساب يوم القيامة فقد بلغني أن أهل الجمع يعضون كلهم أناملهم
خجلا و حياء من اللّه تعالى، كل واحد حزنه على قدر ما فرط في جنب اللّه.
و قد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: يسهل اللّه تعالى
على العبد طلوع روحه بقدر ما ذاق من الغصص في مرضاة اللّه تعالى، فقلت له يا سيدي
إن الأنبياء عليهم الصلاة و السلام أكثر الناس بلاء و مع ذلك فقد ورد أن أحدهم
يشدد عليه المرض و غيره، فقال: تشديد المرض على الأكابر قد يكون تعظيما لأجورهم لا
علاقة دنيوية تجذبهم إليها بل لا يجوز حملهم على ذلك و بعضهم يصعب عليه طلوع روحه
لأجل