responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 63

و كان مالك بن دينار يقول: و اللّه لقد هممت أن أوصي أهلي إذا أنا مت أن يقيدوني و يغلوني و يدخلوني في القبر كذلك كما يفعل بالعبد المجرم الآبق من سيده، كيف يمني أحدكم نفسه بدخول الجنة و التنعم بالحور و القصور و هو مستوجب للسعير و الثبور، و كان الفضيل بن عياض يقول: و اللّه إني لا أغبط نبيا مرسلا و لا ملكا مقربا لأن كل هؤلاء يشاهدون أهوال يوم القيامة، و إنما أغبط من لم يخلق بعد، و تقدم قول سفيان بن عيينة ينبغي للعبد أن يكون عند اللّه من أجل عبيده، و عند نفسه من أشر العبيد و عند الخلق من وسطهم.

و كان فرقد السنجي يقول: دخل بيت المقدس خمسمائة بكر نغص عليهن بعض الأحبار شيئا من أمور الآخرة فمتن جميعا في ساعة واحدة و كان لباسهن المسوح، و كان عطاء السلمي رضي اللّه عنه يقول: اللهم إني أسألك العفو و الصفح و لا يتجرأ قط أن يقول اللهم أدخلني الجنة، قال فرقد السنجي: و دخلنا مرة على عطاء السلمي فوجدناه قد وضع خده على الأرض في الشمس فنظرنا إليه فإذا مجرى دموعه في خديه قد انسلخ من البكاء، و رأينا ما تحت خده من الأرض قد صار طينا و وحلا، و كان كثيرا ما يتلقى دموعه بيديه و يرشها حوله حتى يظن الداخل إن ذلك ماء الوضوء.

و بلغنا أنه مكث لم يرفع طرفه إلى السماء أربعين سنة فرفع طرفه يوم غفلة و وقع على بطنه فانفتق في بطنه فتق فلم يزل مريضا به إلى أن مات، و كان إذا أصاب أهل بلده بلاء يقول هذا بذنوب عطاء لو أنه خرج من بلادهم لما نزل عليهم بلاء، و كان غالب الميل يمس جلده مخافة أن يكون قد مسخ، و كان يقول خرجنا مرة مع عتبة الغلام فمررت على مكان فسقط مغشيا عليه، فلما أفاق قال هذا مكان عصيت اللّه فيه و أنا دون البلوغ، و كان ذلك بعد أن صلى الصبح بوضوء العشاء نحو أربعين سنة هو و أصحابه حتى نحلت أبدانهم و تغيرت ألوانهم حتى صارت كأنها قشور البطيخ الهندي.

و سيأتي في هذا الكتاب زيادة على ذلك و أنه كان يغشى على أحدهم من البكاء و بعضهم يبكي بكاء الميت إلى أن مات رحمه اللّه، و الحمد للّه رب العالمين.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست