و الشرب، و مر الحسن بن علي رضي اللّه عنهما
على باب دار فقال: ما لي أرى هذه الدار ساكتة بعد أن كانت ناطقة، فأجابته امرأة من
وراء الباب قد صار أهلها يتامى و أيامى فبكى الحسن حتى بل لحيته.
و لما طعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قالوا له إنا لنرجو أن لا
تمسك النار، فقال: و اللّه إنكم لجاهلون و إني لأخشى أن أصير فحمة من فحم جهنم، و
دخل عليه جماعة و هو مطعون قالوا له استخلف ولدك عبد اللّه بعدك فإنه عبد صالح،
فقال رضي اللّه عنه: أما يكفي من آل الخطاب واحد يأتي يوم القيامة و يداه مغلولتان
إلى عنقه، و كان ابن أبي مليكة يقول لما قبض الخليل عليه الصلاة و السلام رآه بعض
ولده، فقال يا أبت كيف وجدت الموت، فقال إبراهيم عليه الصلاة و السلام وجدت نفسي
كأنها تنزع بالسلاسل و قد سألني ربي عن ذلك فأجبته بهذا، فقال اللّه تعالى: أما
أنا قد هوناه عليك.
و كان ابن عباس يقول لما جاء ملك الموت إلى موسى 7 ليقبض
روحه قال يا موسى أشربت خمرا اليوم، فقال سبحان اللّه إني صائم فاستنكهه فقبض روحه
في نكهته، فقيل به بعد موته: كيف وجدت الموت يا موسى؟ فقال: كشاة يسلخ جلدها و هي
حية، و كان الربيع بن خيثم يقول: تمنوا الموت في هذه الدار جهدكم قبل أن تصيروا
إلى دار تتمنون الموت فيها فلا تحابون يعني النار، و كان ابن سيرين إذا ذكروا
الموت عنده مات كل عضو منه، و كان كعب الأحبار يقول: لما أحيا عيسى بن مريم سام بن
نوح قال له عيسى: مذكم أنت ميت، قال: منذ أربعة آلاف سنة، قال كيف وجدت الموت،
قال: إلى الآن لم تذهب عني سكرته و لا حرارته.
(و قيل) لرابعة العدوية أتحبين الموت، فقالت: لو عصيت آدميا ما أحببت
لقاءه خجلا منه فكيف و قد عصيت ربي عز و جل (و سمع) يحيى بن معاذ نائحة في دار رجل
من الأغنياء فقال: ويح المغترين في الدنيا إلى متى يسمعون صيحة الآخرة في دورهم
فلا ينتهون، و كان حامد اللفاف يقول: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء تعجيل
التوبة و قناعة النفس و النشاط في العبادة، و قال وهب بن منبه لما مات موسى عليه
الصلاة و السلام جاءت الملائكة في السموات بعضهم إلى بعض واضعي أيديهم على خدودهم،
و هم يقولون: مات موسى كليم اللّه فأي الخلق لا يموت.
و كان رضي اللّه عنه يقول: لا يموت عبد حتى يرى الملكين الكاتبين فإن
صحبهما بخير قالا له جزاك اللّه من صاحب خيرا فنعم الصاحب كنت، فكم أحضرتنا معك في
مجالس الخير