و لما حضرت الوفاة سلمان الفارسي بكى و قال:
إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد عهد إلينا و قال:
ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب و ها أنا قد جمعت هذه الأمتعة
و أشار إليها فلما مات قوموها بخمسة عشرة درهما، و لما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة
بكى فقيل له في ذلك فقال: إني أنتظر رسولا يأتيني من ربي لا أدري هل يبشرني بالجنة
أو بالنار، و لما حضرت محمد بن المنكدر الوفاة بكى فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أبكي
على ذنوبي التي رأيتها في عيني هينة و هي عند اللّه عظيمة، و لما حضرت محمد بن
سيرين الوفاة بكى، فقيل له ما يبكيك؟ فقال: أبكي على تفريطي في الأيام الخالية و
إدخالي للنار الحامية، و لما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة قال: اللهم إني أذنبت
فإن غفرت لي فقد مننت، و إن عذبتني فقد عدلت، و ما ظلمت لكني أشهد أن لا إله إلا
اللّه و أن محمدا رسول اللّه ثم قضى نحبه رضي اللّه عنه.
و لما حضرت عامر بن قيس الوفاة بكى و قال: إني لم أبك جزعا من الموت
و لا حرصا على الدنيا و لكن أبكي على عدم قضاء و طري من طاعة ربي و قيام الليل في
أيام الشتاء، و لما حضرت عبد اللّه بن المبارك الوفاة قال لغلامه: اجعل رأسي على
التراب فبكى الغلام، قال: ما يبكيك؟ قال: ذكرت ما كنت فيه من النعيم و أنت هو ذا
تموت على هذا الحال فقال: إني سألت ربي أن أموت على هذا الحال ثم قال: لقني يا أخي
لا إله إلا اللّه إذا الحال تغير و لا تعد على ذلك إلا أن تكلمت بعده بكلام.
و كان عطاء بن يسار يقول وقف إبليس تجاه أحمد بن حنبل، و قال يا
أحمد:
خرجت من الدنيا و أنت آمن مني، فقال له: ما أمنتك بعد، و دخل الحسن
البصري على رجل و هو يجود بنفسه فقال إن امرأ هذا آخره لحقيقي أن يزهد في أوله و
لما حضرت أبا ذر الوفاة قال: يا موت اخنق و عجل فإني أحب لقاء اللّه.
و دخل أبو الدرداء على محتضر فوجده يقول: الحمد للّه فقال له: أصبت
يا أخي إن اللّه إذا قضى أمرا أحب من عبده أن يحمد عليه. (و دخل) سفيان الثوري على
ولد يجود بنفسه و أبواه يبكيان عنده فقال لهما لا تبكيان فإني قادم على من هو أرحم
بي منكما.
(و لما حضرت) معاوية بن أبي سفيان الوفاة قال: اللهم ارحم الشيخ
العاصي ذا القلب القاسي، اللهم أقل عثرتي و اغفر زلتي وعد بحلمك على جهل من لم يثق
بأحد سواك و لم يرج غيرك ثم بكى حتى علا نحيبه، و لما حضرت هشام بن عبد الملك
الوفاة نظر إلى أولاده و هم يبكون حوله فقال: قد جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم عليه
بالبكاء، و ترك لكم ما جمع و تركتم عليه ما اجترم فما أعظم منقلب هشام إن لم يغفر
اللّه له، و لما حضرت أبا هريرة