responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 37

كعب الأحبار رضي اللّه عنه يقول في قوله تعالى: [إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ‌][1]، قال: كان يقول أوه قبل الوقوع في النار، أوه قبل أن لا ينفع أوه، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول:

أبى اللّه إلا أن يذل من عصاه في الدنيا و الآخرة بين الناس، و ما أذنب عبد في الليل إلا و أصبح و مذلته على وجهه، و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: في قوله تعالى: [لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها][2]، ضجوا من الصغائر قبل الكبائر.

و كان العوام بن حوشب رحمه اللّه تعالى يقول: أربع بعد الذنب شر من الذنب و هي الاستغفار من غير إقلاع، و الاغترار بحلم اللّه، و الإصرار و الاستبشار بالمغفرة إذا عمل بعده طاعة فقد لا يغفره اللّه بها، و كان عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما يقول من أطاع اللّه فقد ذكره و إن قلت صلاته و صيامه و تلاوته القرآن و من عصاه فقد نسيه، و من علامة العلماء العاملين بعلمهم أن لا يوجد أحدهم إلا في عمل صالح، و قد سئل سفيان بين عيينة رحمه اللّه عن الملائكة كيف تكتب ما هم به العبد و لم يعمله، فقال: الملكان الكتابان عليهما الصلاة و السلام لا يعلمان الغيب و لكن إذا هم العبد بحسنة فقد فاح منه رائحة المسك فيعلمان أنه قد هم بالحسنة، و إذا هم العبد بالسيئة فاح منه رائحة النتن فيعلمان أنه قد هم بالسيئة.

(قلت): و لعل المراد بالهم هنا العزم المصمم ليوافق الأحاديث و القواعد الشرعية و اللّه أعلم، و كان عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى يقول: إن اللّه أمر بالطاعة و أعان عليها و لم يجعل في تركها عذرا، و نهى عن المعصية و لم يجعل فعلها حجة و لو أراد سبحانه أن لا يعصى في الأرض أصلا لما خلق إبليس فإنه رأس الخطيئة، و كان أبو سليمان الداراني رحمه اللّه تعالى يقول: ما أحب المتقون البقاء في هذه الدار إلا ليطيعوه فيها، و كان يقول: أدخلهم اللّه الجنة قبل أن يطيعوه و قدر عليهم المعصية قبل أن يعصوه لما سبق في علمه عز و جل، و قد كان بشر الحافي رحمه اللّه تعالى يقول: لقد أدركنا الناس و لهم أعمال صالحة كالجبال و مع ذلك كانوا لا يغترون و أنتم لا أعمال لكم و مع ذلك تغترون، و اللّه إن أقوالنا أقوال الزاهدين و أعمالنا أعمال الجبابرة و المنافقين.

و كان حاتم الأصم رحمه اللّه تعالى يقول: إذا عصيت ربك و أصبحت رأيت نعمه سابغة عليك فاحذر فإن ذلك استدراج، و قد أدركنا السلف و هم يستعظمون صغار الذنوب‌


[1] -سورة التوبة: الآية 114.

[2] -سورة الكهف: الآية 49.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست