الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: لما
مات هرم بن حبان رضي اللّه عنه جاءت سحابة فظللت على سريره فلما و اريناه رشت على
قبره حتى ساح الماء و لم ينزل على ما حول قبره قطرة.
و كان أبو ذر رضي اللّه عنه يقول: ألا أخبركم بيوم فقري يوم أضع في
قبري، و كان أبو الدرداء رضي اللّه عنه يقعد بين القبور كثيرا فسئل عن ذلك فقال:
إنهم يذكروني معادي و إذا قمت و فارقتهم لم يغتابوني، و كان جعفر بن محمد رضي
اللّه عنهما يأتي المقابر و يناديهم فلا يجيبونه فيقول لنفسه: يا جعفر كأنك قد صرت
مثلهم لا تجيب المنادي ثم يصف قدميه للصلاة فلا يزال كذلك إلى الفجر، و في الحديث
«ما من ليلة إلا و مناد ينادي يا أهل القبور من تغبطون اليوم، فيقولون نغبط أهل
المساجد لأنهم يصومون و لا نصوم و يصلون و لا نصلي و يذكرون اللّه تعالى و لا
نذكره، و كان عطاء السلمي رحمه اللّه تعالى إذا جنه الليل يخرج إلى المقابر فلا
يزال يناجيهم إلى الفجر.
و كان أحمد بن حرب رحمه اللّه تعالى يقول: إن الأرض لتعجب من رجل
يمهد فراشه للنوم في دار الدنيا و تقول له: ألا تذكر طول رقادك في بطني من غير أن
يكون بيني و بينك فراش، و كان ثابت البناني رحمه اللّه تعالى يقول: دخلت المقابر
فلما أردت أن أخرج منها إذا أنا بصوت حزين يقول يا ثابت لا يغرنك صموت أهلها فكم
من نفس معذبة فيها و قد وقف محمد بن سليمان على قبر ابنه رحمهما اللّه تعالى و
قال: اللهم إني أصبحت أرجوك له و أخاف عليه كما أخاف على نفسي فحقق رجائي فيك يا
أرحم الراحمين اه.
و قد وقف أبو سنان على قبل ولده رحمهما اللّه تعالى فقال: اللهم إني
قد عفوت عنه و غفرت له ما وجب لي عليه فأسألك أن تغفر له ما وجب لك عليه يا كريم،
و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: رأيت محمد بن يسار بعد موته رحمه
اللّه تعالى فقلت له: ماذا فعل اللّه تعالى بك؟ فدمعت عيناه و قال: رأيت و اللّه
أهوالا و زلازل عظاما شدادا ثم خر مالك مغشيا عليه و كان يقع له ذلك كلما حكى هذه
الحكاية، ثم حكاها يوما فغشى عليه و مرض ثم مات بعد ثلاثة أيام رحمها اللّه تعالى.
و لما مات منصور بن عمار رحمه اللّه تعالى رآه بعض أصحابه في المنام
فسأله عن حاله و ما فعل اللّه تعالى به؟ فقال: قال لي عز و جل يا منصور قد غفرت لك
على تخليط كثير كان منك، لأنك كنت تحرض الناس على كثرة ذكري.
و قد كان الحارث المحاسبي رحمه اللّه تعالى لا يزال يذكر أهوال يوم
القيامة و يقول