responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 233

القرآن ربيع القلب كما أن الغيث ربيع الأرض، و كان عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه يقول: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس ناموا و بنهاره إذا الناس أفطروا و بحزنه إذا الناس ضحكوا و بصمته إذا الناس لغو و بخشوعه إذا الناس يختالون- يعني في ثيابهم و مشيهم-.

و قد كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: لا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا و لا مماريا و لا رافعا صوته بالحديث و العلم و لا راغبا في الدنيا، لأن كل كلمة مما هو حامله تقول له ازهد في الدنيا، و قد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه اللّه تعالى يقول:

قرأت القرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في المنام فلما ختمته قال لي صلى اللّه عليه و سلم: هذا القرآن فأين البكاء.

و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: ما ثم مصيبة أعظم من مصيبتنا يتلو أحدنا القرآن ليلا و نهارا و لا يعمل به و كله رسائل من ربنا إلينا، و كان ولده علي رحمهما اللّه تعالى يقول: من لم يبك على نفسه عند تلاوة القرآن فهو مغرور، لأن المراد منه العمل لا التلاوة، و كان إذا قرأ القرآن يبكي حتى يكاد لا يقدر على إتمام السورة و يقول: إني لأتعجب ممن يفرح كلما ختم القرآن تلاوة و لا يطالب نفسه بشي‌ء من مواعظه و زواجره و قوارعه.

و قد كان أبو سليمان الداراني رحمه اللّه تعالى يقول: ربما إني أقوم خمس ليال متوالية بآية واحدة أرددها و أطالب نفسي بالعمل بما فيها، و لو لا أن اللّه تعالى يمن عليّ بالغفلة لما تعديت تلك الآية طول عمري لأن لي في كل تدبر علما جديدا و القرآن لا تنقضي عجائبه.

و قد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: لو لا أن اللّه تعالى يعطي لكل من الأولياء معاني القرآن هبة منه تبارك و تعالى حال تلاوتهم له لما قدر أحد منهم على تلاوته كله في ليلة واحدة، إذ الكمل ليست علومهم المتعلقة بالقرآن مستنبطة بكفر و لا إمعان نظر و إنما هي مواهب يهبها اللّه لهم حال تلاوتهم فتكون عين التلاوة هي عين المعاني، و متى تخلفت المعاني عن النطق فذلك من نتيجة الفكر، قال رحمه اللّه: و عليه يحمل قول الحق عز و جل للإمام أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه حين رآه في المنام و قال له: يا رب بم يتقرب إليك المتقربون، قال: بكلامي يا أحمد، قال: يا رب بفهم أم بغير فهم، قال تعالى: بفهم و بغير فهم فالمراد من قوله و بغير فهم أن معانيه تأتي إليهم من طريق الكشف لا بواسطة الفكر و هذا هو اللائق بشرح هذا الكلام، و إن كان تالي القرآن له الثواب على كل حال اه.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست