و كان بشر الحافي رحمه اللّه تعالى يقول:
الهوى كمين في النفس لا يؤمن اتباعه، قال تعالى:
[أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ][1]، و
كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول:
نحن اليوم لا نرى أحدا يعمل على وفق السنة و إنما كل يعمل على موافقة
الهوى ما بين عالم و جاهل و عابد و زاهد و شيخ و شاب كل يعمل ليحمد على ذلك إما
عند اللّه و إما عند الناس، و كذلك يترك المعاصي خوفا من ازدراء الناس له لا خوفا
من اللّه تعالى، و من ذا الذي لا يغضب منا ممن ذكره بسوء بين الناس اصطلحنا و
اللّه على المداهنة و تحاببنا بالألسن و تباغضنا بالقلوب و طلبنا العلم لغير العمل
بل للتزين و المباهاة و الرياسة على الناس لنحن أول من تسعر بهم النار، و قد بلغنا
أن اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة و السلام يا داود إن أردت محبتي لك فعاد
نفسك و ودني بعداوتها اه.
و كان عبد العزيز بن أبي رواد رحمه اللّه تعالى يقول: إذا ذكرت أحوال
السلف بيننا افتضحنا كلنا، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه يقول: و اللّه لو أنكم
تجدون للعاصي ريحا لما استطاع أحد منكم أن يجلس إليّ من خبث ريحي، و كان عطاء
السلمي رحمه اللّه تعالى إذا أصاب أهل البلد ريح أو غلاء أو فناء أو بلاء يقول: كل
هذا من أجل ذنوب عطاء لو مات عطاء لاستراح الناس منه.
و كان سفيان بن عيينة رحمه اللّه تعالى يقول: ينبغي للعبد أن يكون
عند اللّه من أجل الناس و عند نفسه من أشرهم، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى
يقول: كل من ادعى درجة سقط منها و إذا كان الرجل في أعلى درجة فمن حقه أن يحقر
نفسه، و كان أبو معاوية الأسود رحمه اللّه تعالى يقول: كل من فضلني على نفسه من
أصحابي فهو خير مني، و كان أبو سليمان الداراني رحمه اللّه تعالى إذا جلس إليه أحد
و ثقل على قلبه يوبخ نفسه و يقول لها: إنك لا تحبين الصالحين و لما رأيت خيرا منك
كرهته و ثقل عليك مجالسته.
و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى كثيرا ما يقول من أحب أن ينظر
إلى مراء فلينظر إليّ ثم يمسك لحيته بيده و يبكي و يقول: كنت يا فضيل في شبابك
فاسقا ثم صرت في كهولتك مرائيا و اللّه للفسق أهون من الرياء، و قد قال شخص مرة
لمالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يا مرائي، فقال له مالك: لقد عرفت يا أخي لقلبي
الذي أضله أهل البصرة، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: كل من زعم أنه
يحب اللّه و هو يحب نفسه