و قد كان الإمام الشافعي رضي اللّه عنه
يقول: لو لا محادثة الأخوان في هذه الدار و التهجد في الأسحار ما أحببت البقاء
بها، و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: لا تصاحب في السفر من هو أوسع منك
في الدنيا فإنك إن ساويته أضر بحالك و إن نقصت عنه استذلك بين الناس، و كان سلمان
الفارسي رضي اللّه عنه يقول: إذا صادقت غنيا فاحذر من سؤاله إن طلبت حفظ مقامك
عنده فإن المسألة كدوح في وجه السائل و من رد ما أعطى له كبر في قلب المعطي قهرا
عليه.
و قد كان المهلب بن أبي صفرة رحمه اللّه تعالى يقول: ينبغي للعاقل أن
يجتنب مؤاخاة ثلاثة الأحمق و الكذاب و الفاجر، فأما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير
و لا يرجى لصرف سوء و سكوته خير من نطقه و بعده خير من قربه، و أما الكذاب فلا
يهنأ لك معه عيش و ينقل خبرك إلى غيرك و يغري بينك و بين الناس العدواة و البغضاء،
و أما الفاجر فيزين لك فعاله و لا يعينك على شيء من أمور دينك، و كان إبراهيم بن
زيد العدوي رحمه اللّه تعالى يقول: أربعة تفرح القلب: التهجد في السحر و الزوجة
الجميلة الصالحة و الكفاف من الرزق و الأخ المؤمن.
فاعلم ذلك يا أخي و فتش نفسك و انظر هل وفيت حقوق إخوانك و هل تعففت
عن سؤالهم بالحال أو بالقال أو بالتعريض و هل صحبتهم للّه تعالى أو لغرض نفساني
فإن كل ما لم يكن للّه فهو وبال على العبد في الدنيا و الآخرة، فطالب نفسك يا أخي
بحقوق الإخوان و لا تطالبهم بحقك لا ظاهرا و لا باطنا و قد أنشد إمامنا الشافعي
رضي اللّه عنه قوله:
صديق
ليس ينفع يوم بأس
قريب
من العدو في القياس
و
لا يبغي الصديق بكل عصر
و
لا الإخوان إلا للتآسي
غمرت
الناس ملتمسا بجهدي
أخائفة
فأكداه التماسي
تنكرت
البلاد علي حتى
كأن
أناسها ليسوا بناس
و كان رضي اللّه عنه كثيرا ما ينشد قوله:
و
ليس كثيرا ألف خل لواحد
و
إن عدوا واحدا لكثير
و أنشدني شيخنا شيخ الإسلام زكريا رحمه اللّه قوله:
صاد
الصديق و كاف الكيمياء معا
لا
يوجدان فدع عن نفسك الطمعا
ا ه، فاعلم ذلك يا أخي و انتبه لنفسك، و الحمد للّه رب العالمين.