responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 186

أبا الضيفان لكونه كان يذهب الميلين إلى الضيف ليأتي به إلى منزله، و قد كانت عائشة رضي اللّه عنها تقول ليس من السرف التبسط للضيف في الطعام، و قد كان مجاهد رحمه اللّه تعالى يقول في قوله تعالى: [ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ‌][1]، إنما كانوا مكرمين لأن الخليل عليه الصلاة و السلام خدمهم بنفسه، و كان عبد الواحد بن أبي ليلى رحمه اللّه تعالى لا يدخل عليه أحد إلا أطعمه و سقاه ثم اعتذر إليه أي اعترافا بأنه مقصر في حقه.

(قلت) و ممن أدركناه على هذا القدم سيدي الشيخ محمد بن عنان و الشيخ أبو الحسن الغمري، و الشيخ عبد الحليم بن مصلح و الشيخ محمد الشناوي و الشيخ أبو بكر الحديدي و جماعة رضي اللّه عنهم أجمعين و كانوا لا يتكلفون للضيف خوفا أن يضجروا منه إذا أتاهم مرة أخرى و يقولون: من كان يطعم ضيفه ما يجد فلا يبالي به أي وقت جاء.

و قد سئل عبد اللّه بن المبارك رحمه اللّه تعالى عن مناولة الضيوف الطعام لغيرهم فقال: إن كان لبعضهم فلا بأس و أما للأجنبي فلا، و كان بكر بن عبد اللّه المزني رحمه اللّه تعالى يقول: من دعي إلى طعام فذهب معه بآخر استحق لطمة، فإن قيل له اجلس ههنا، فقال: بل ههنا استحق لطمتين، فإن قال لصاحب الدار ألا تأكل معنا استحق ثلاث لطمات، أي لأن ما فعله في الثلاث خصال فضول منه اه.

و كان محمد بن سيرين رحمه اللّه تعالى يجتهد أن يطعم الضيف من شي‌ء لم يكن عند ذلك الضيف و لا في بلده، قال خالد بن دينار رحمه اللّه دخلت على محمد بن سيرين رحمه اللّه تعالى و معي رفقة فأخرج إلينا شهدا و قال أظن أن مثل هذا ليس عندكم، قلنا نعم، و كان ميمون بن مهران رحمه اللّه تعالى يقول: من أطعم و لم يتمر- أي لم يطعم الضيف تمرا أو شيئا حلوا- كان كمن صلى العشاء و لم يوتر، و اعلم أن الواجب على المضيف أن يطعم الضيف من الحلال و أن يعمله بمواقيت الصلاة و لا يقصر عما قدر عليه من الدسم و حسن المطعم، و أن الواجب على الضيف أن يجلس حيث أجلسوه و أن يرضى بما إليه قدموه و أن لا يخرج حتى يستأذن. و كان أوس بن خارجة يقول: ما دعوت قط نفرا إلى طعامي و أكلوه إلا و رأيت الفضل و المنة لهم على أكثر من منتي عليهم، و كان حامد اللفاف رحمه اللّه تعالى يقول: من علامة المتفعل في الزهد أنه إذا استضافه أحد يذكر له سخاء إبراهيم عليه الصلاة و السلام، و إذا أضاف هو أحدا يذكر له زهد عيسى عليه الصلاة و السلام.


[1] -سورة الذاريات: الآية 24.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست