responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 178

المال ثم ينشد قوله:

أرى نفسي تتوق إلى فعال‌

فيقصر دون مبلغهن مالي‌

فلا نفسي تطاوعني ببخل‌

و لا مالي يبلغني فعالي‌

فاعلم ذلك يا أخي و إياك أن تتظاهر بالمشيخة و أنت على خلاف أخلاق القوم في الكرم و السخاء و الجود و المواساة، فقد كانوا يعطون المال الجزيل و لا يرون لهم فضلا على أحد، و كان أحدهم يشق إزاره نصفين و يعطي أخاه نصفه.

و قد سئل عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما ما حق المسلم على المسلم، قال: أن لا يشبع و يترك أخاه جائعا و لا يلبس و يترك أخاه عاريا و لا يبخل عليه بالبيضاء و الصفراء، و كان أبو الدرداء رضي اللّه عنه يقول: كيف يبخل أحدكم بديناره و درهمه على أخيه، و إذا مات بكى عليه أشد البكاء و قد كان الصحابة رضي اللّه عنهم يهدي بعضهم الهدية إلى أخيه فيهديها الآخر إلى أخيه فلا تزال تلك الهدية تدور بينهم حتى ترجع إلى مهديها الأول ا ه، مع أن كلا منهم محتاج إليه و لكن كانوا يؤثرون على أنفسهم.

و كان أحدهم إذا تزوج و هو فقير يعطون عنه المهر و يعطونه قوت سنة إدخالا للسرور عليه و دفعا لما لعله يقع فيه من الاهتمام بأمر المعيشة كما هو الغالب على من يتزوج، و كان الحسن بن علي رضي اللّه عنهما لا يرد سائلا قط، و سأله مرة شخص فأمر له بعشرة آلاف دينار، فقال له الرجل: إني لا أجد ما أحملهما فيه فأعطاه طيلسانه.

و كان بكر بن عبد اللّه المزني رحمه اللّه تعالى يقول: أحب أموالي إلي ما وصلت به إخواني و أبغضها إلي ما خلفته و رائي، و قد كانوا إذا أقبل عليهم السائل يفرحون به و يقولون مرحبا بمن جاء يحمل أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة و يقل عنا ما يشغلنا عن عبادة ربنا سبحانه، و كان يرسل أحدهم إلى أخيه الأف دينار و يقول له فرقها على المحتاجين و لا تنسبها إليّ، و قد كان الضحاك رحمه اللّه تعالى يقول في قوله تعالى: [إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‌][1] قال كان إحسان يوسف عليه الصلاة و السلام أن كل من مرض في السجن قام عليه و كل من احتاج وسع عليه، و كان عليه الصلاة و السلام إذا لم يجد عنده شيئا للفقير يدور على الأبواب يسأل له الناس.

و قد كان السلف إذا مات لأحدهم خادم يرسلون له خادما خلافه، و كان يقبل ذلك‌


[1] -سورة يوسف: الآية 36.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست