رحمه اللّه تعالى عن المروءة فقال: هي ترك
ما يعاب به عند اللّه و عند خلقه، و قد أجمع السلف على وجوب المروءة و الفتوة في
طريق القوم و أن تركهما من أخلاق المنافقين، و في الحديث: [و سيأتي على الناس زمان
تقصر فيه المروءة و تدق فيه الأخلاق و يستغني فيه الرجال بالرجال و النساء بالنساء
فإذا وجد ذلك فلينتظروا العذاب صباحا و مساء]، و قد سئل عمرو بن العاص رضي اللّه
عنه عن المروءة ما هي؟ فقال: هي عرفان الحق و تعاهد الإخوان بالبر.
و كان السري السقطي رحمه اللّه تعالى يقول: المروءة هي صيانة النفس
عن الأدناس و عن كل شيء يشين العبد بين الناس و إنصاف الناس في جميع المعاملات
فمن زاد على ذلك فهو متفضل، و كان ربيعة رضي اللّه عنه يقول: المروءة في السفر هي
بذل الرجل الزاد و قلة خلافه على الإخوان و عدم المزاج معهم، و كان بعضهم يقول ليس
من المروءة أن يربح التاجر على صديقه.
(قلت) بل المروءة في التاجر رضاه بالربح اليسير لا ترك الربح بالكلية
لأن موضع التجار إنما هو للربح دنيا و أخرى فيأخذ من صديقه الربح اليسير الذي لا
يرضى به غيره من التجار الأجانب أي لا يقنع به، فإن من باع بغير ربح افتقر و ركبه
الدين و اللّه تعالى أعلم، و قد سئل أبو عبد اللّه محمد بن عراق رحمه اللّه تعالى
عن المروءة ما هي؟ فقال: هي أن لا تفعل فعلا تستحي من ظهوره في الدنيا و الآخرة.
و كان أبو هريرة رضي اللّه عنه إذا سئل عن المروءة يقول: هي الغداء و
العشاء في أفنية الدور لا في داخلها، و قد كتب الحسن بن كيسان رحمه اللّه تعالى
على باب داره رحم اللّه من دخل فأكل، و كان السلف إذا استعار أحدهم قدرا يطبخ فيه
ردها ملآنة طعاما و ربما ملأها صاحبها طعاما ثم أعارها لمن طلبها و يقول كرهت أن
أعيرها لأخي فارغة، و قد سئل الأصمعي رحمه اللّه تعالى عن المروءة فقال: هي طعام
موضوع و لسان حلو و مال مبذول و عفاف معروف و أذى مكفوف اه.
فاعلم ذلك يا أخي فقد سمعت مقال سلفك عن المروءة فاعمل عليها و كن يا
أخي متشبها بأهل المروءات و إن لم تكن منهم حقيقة، و الحمد للّه رب العالمين.