responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 170

و قد كان شيخنا سيدي علي الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: إن أحق ما يتسم هؤلاء الموسوسون أن يقال لهم مبتدعة لا فقهاء، و ذلك لأن أحدهم ربما يتوهم بطلان عبادة الصحابة و التابعين و الأئمة المجتهدين و أنت لو قلت لأحد منهم توضأ كما بلغك من وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو وضوء أصحابه رضي اللّه عنهم ربما أنه لا يرضى بذلك و لا يعتقد صحته، نسأل اللّه العافية و هذا هو الضلال المبين، و قد بسطنا الكلام على ذلك في الباب الخامس عشر من كتابنا المنن الكبرى فراجعه إن أردت ذلك، و الحمد للّه رب العالمين.

كتمان الأسرار

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): كتمانهم الأسرار و عدم تبليغهم أحدا ما يسمعونه في حقه، و قد قالوا قلوب الأحرار قبول الأسرار و إن لم يكن أهل اللّه تعالى يكتمون الأسرار فمن بقى يكتمها و هذا الخلق قد صار غريبا في هذا الزمان، فربما يسمع الشيخ الكلمة الآن فيحكيها لغالب من يدخل عليه و ربما كان فيها خراب الديار و تراه يقول قد أخبرنا بذلك شخص من أولياء اللّه تعالى لا يصح في حقه تهمة و يسميه وليا من أولياء اللّه و الحال أنه معدود من الفاسقين بنقل النميمة و إفساده بين الناس، و إن لم يقصد هو ذلك و في الحديث [لا يدخل الجنة قتات‌] يعني نماما، و قد كان مجاهد رحمه اللّه تعالى يقول في قوله تعالى: [وَ امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ‌][1]، قال: كانت تمشي بالنميمة بين الناس، و كان أكثم الصيفي رحمه اللّه تعالى يقول: من علامة النمام الذل بين الناس فلا تكاد تراه عزيزا أبدا، و كان يحيى بن أبي كثير رحمه اللّه تعالى يقول: النمام شر من الساحر و لا يشر به أحد فإنه قد يعمل في ساعة ما لا يعمله الساحر في شهر فإن النميمة سفكت الدماء و نهبت الأموال و هاجت الفتن العظام و أخرجت الناس من أوطانهم و غير ذلك من المفاسد.

و كان أبو موسى الأشعري رضي اللّه عنه يقول: لا يسعى بين الناس بالفساد إلا ولد بغي لأنه يهلك نفسه و يهلك أخاه و يهلك الذي أنهى إليه الكلام، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: من نقل إليك نقل عنك و من مدحك بما ليس فيك فلا تأمن أن يذمك بما ليس فيك، و كان ابن السماك رحمه اللّه تعالى يقول: احذر ممن يكتم أكثر ممن يحدث بما يسمع فإن من يكتم يصدق الناس قوله أكثر لاستبعادهم الكذب عليه و ربما تكلم الشخص بكلمة لمن يأتمنه فتكلم بها فأخرب الديار.


[1] -سورة المسد: الآية 4.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 170
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست