الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: قالت لي
والدتي يا بني لا تتعلم العلم إلا إذا نويت العمل به و إلا فهو وبال عليك يوم
القيامة.
و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى كثيرا ما يعاتب نفسه و يوبخها
بقوله تتكلمين بكلام الصالحين القانتين العابدين و تفعلين فعل الفاسقين المنافقين
المرائين، و اللّه ما هذه صفات المخلصين و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى
يقول من لم يكن في أعماله أكيس من ساحر وقع في الرياء، و قد قيل لذي النون المصري
رحمه اللّه تعالى متى يعلم العبد أنه من المخلصين، فقال: إذا بذل المجهود في
الطاعة و أحب سقوط المنزلة عند الناس.
و كان محمد بن المنكدر رحمه اللّه تعالى يقول: أحب للإخوان أن يظهر
أحدهم السمت الحسن بالليل فإنه أشرف من سمت النهار لأنه في النهار يراه الناس، و
في الليل يكون لرب العالمين، و قد قيل مرة ليونس بن عبيد رحمه اللّه تعالى هل رأيت
أحدا يعمل بعمل الحسن البصري فقال و اللّه ما رأيت من يقول بقوله فكيف أرى من يعمل
بعمله؟ كان وعظه يبكي القلوب و وعظ غيره لا يبكي العيون، و قيل ليحيى بن معاذ رحمه
اللّه تعالى متى يكون العبد مخلصنا، فقال: إذا صار خلقه كخلق الرضيع لا يبالي من
مدحه أو ذمه، و قد كان أبو السائب رحمه اللّه تعالى إذا طرقه البكاء في سماع قرآن
أو حديث أو نحو ذلك يصرفه إلى التبسم.
و كان أبو عبد اللّه الأنطاكي رحمه اللّه تعالى يقول إذا كان يوم
القيامة قال اللّه للمرائي خذ ثواب عملك ممن كنت ترائيه، و في رواية عنه إذا طلب
المرائي ثواب عمله يوم القيامة يقال له خذ ثواب عملك ممن كنت ترائيه، و في رواية
يقال له ألم توسع لك الناس في المجالس لأجل عملك و علمك؟ ألم تكن رئيسا في دنياك؟
ألم ترخص لك الناس بيعك و شراءك؟ ألم يكرموك؟ ألم .. ألم؟ مثل هذا و أشباهه.
و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول مادام العبد يستأنس
بالناس فلا يسلم من الرياء، و كان الأنطاكي يقول المتزينون ثلاثة، متزين بالعلم و
متزين بالعمل و متزين بترك التزين فهو أغمضها و أحبها إلى الشيطان، و كان إياس بن
معاوية أخا لإبراهيم التيمي و كان كل منهما لا يثني على الآخر من ورائه و يقول
الثناء معدود من الجزاء و أنا لا أحب نقص ثواب أخي بالثناء عليه بين الناس.
و كان أبو عبد اللّه الأنطاكي رحمه اللّه يقول من طلب الإخلاص في
أعماله الظاهرة و هو يلاحظ الخلق بقلبه فقد رام المحال، لأن الإخلاص ماء القلب
الذي به حياته و الرياء