جوابه و إظهار عدم التأثير له، و كان الحسين
بن علي رضي اللّه عنهما إذا شتمه أحد يقول له: يا أخي إن كان قولك صدقا فسيجازيك
اللّه بصدقك و إن كان كذبا فاللّه أشد نقمة مني لك، و قد لطمه إنسان مرة على وجهه
رضي اللّه عنه فلم يتغير بل قال: من قدر هذا؟ فقيل له: اللّه تعالى قدره، فقال:
أفترون أني أرد قضاء اللّه.
و كان ابن المقنع رحمه اللّه تعالى يقول: كظم الغيظ أولى من ذل
الاعتذار، و قيل له مرة: ما الفرق بين الحزن و الغضب؟ فقال الحزن يكون من مخالفة
من هو فوقك لهواك و الغضب يكون من مخالفة من هو دونك لهواك، و قد كان أبو معاوية
الأسود رحمه اللّه يدعو لمن نال منه، قال: و شتم رجل بكر بن عبد اللّه المزني رحمه
اللّه و بالغ في شتمه و هو ساكت، فقيل له: ألا تشتمه كما شتمك؟ فقال: أني لا أعرف
له شيئا من المساوئ حتى أشتمه به و لا يحل لي أن أرميه بالكذب.
و كان الأعمش رحمه اللّه تعالى يقول: قالت الأذن لو لا خوفي أن أنصر
و أتجمع بالجواب لطلت كما طال اللسان، و قال رجل لثور بن يزيد رحمه اللّه تعالى يا
قدري يا رافضي، فقال له: إن كنت كما قلت فأنا رجل سوء و إن كنت على خلاف ذلك فأنت
في حل مني، و قد كان مكحول الدمشقي رحمه اللّه تعالى يقول: لا يبين حلم الرجل إلا
تسلط الجاهلين عليه، و قد قال رجل مرة لسالم بن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهم
يا شيخ السوء، فقال له سالم: ما أراك أبعدت يا أخي، و روى أن لقمان 7
قال لابنه: يا بني إن أردت أن تؤاخي أحدا فأغضبه فإن أنصفك و هو مغضب فواخه و إلا
فاحذره.
و قد سئل السري السقطي رحمه اللّه تعالى مرة عن الحلم ما هو؟ فقال
للسائل: أي حلم تريد فإن الحلم على خمسة أقسام، الأول: حلم غريزي و هو هبة من
اللّه تعالى للعبد به يعفو عمن ظلمه و يعطي من حرمه و يصل به رحمه و إن قطعه، و
الثاني. حلم تحالم و هو أن يكظم العبد غيظه رجاء الثواب و في القلب كراهة، و
الثالث: حلم مذموم و هو حلم العبد على من جنى عليه رياء و سمعة يعني يرائي به
جلساءه و هو حاقد ساكت، الرابع: حلم كبر و هو أن الشخص لا يراه أهلا بأن يجاوبه،
الخامس: حلم مهابة و مذلة ا ه، فاعلم ذلك فإنه نفيس و الحمد للّه رب العالمين.