و قد روى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم قال: [أكثر منافقي أمتي قراؤها]، و كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول:
كان في بني إسرائيل قراء فسقة و سيكون في هذه الأمة أمثالهم، و كان سفيان الثوري
رحمه اللّه يقول: استعيذوا باللّه من أمور تحدث في القراء بعد مائتي سنة و اعلموا
أن من يدخل النار تفسقا أخف ممن يدخلها تقربا و هو مراء بعلمه و عمله، و كان عبد
اللّه بن المبارك رحمه اللّه تعالى يقول: من دخل النار بالمعاصي الظاهرة أخف ممن
دخلها بالرياء و السمعة.
و قد كان حبيب العجمي رحمه اللّه تعالى يقول: ما كنا نظن أن نعيش إلى
زمان صار الشيطان يلعب بالقراء فيه كما يلعب الصبيان بالأكرة، و كان عبد العزيز بن
أبي رواد رحمه اللّه تعالى يقول: كان فسقة الجاهلية أكثر حياء من قراء زماننا، و
قد كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: و اللّه إنى لأخشى إذا قيل يوم
القيامة أين القراء الفسقة أن يقال و هذا منهم فخذه. و قد قال رجل لحماد بن زيد
رحمة اللّه تعالى: أرصينى، فقال: إياك أن تجعل لك أسما مع القراء فى صحيفة.
و كان سفيان الثورى رحمة اللّه تعالى يقول: احذروا القراء و احذروني
معهم فأني لو خالفت أكثرهم ود إلى في رمانة، فقلت هي حامضة، و قال هو: بل حلوة، لا
آمن من يسعى في قتلي عند سلطان جائر، و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول:
أشتهي أن تكون داري بعيدة عن القراء مالي و لقوم إذا رأوني في نعمة حسدوني و إن
رأوني في زلة هتكوني، و قد كان ذو النون المصري رحمه اللّه تعالى يقول: إياك و
القرب من القراء فإنهم ربما حسدوك فرموك بالزور و البهتان و قبل ذلك منهم.
و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: ما أقبح قلة ورع العالم
و ما أقبح قول الناس أن العالم الفلاني قدم حاجا بمال الأمير الفلاني أو بمال
المرأة الفلانية، و في الحديث [سيأتي على أمتي زمان يكون سماعكم باسم الرجل خيرا
من أن تلقوه و لو لقيتموه خيرا لكم من أن تجربوه فإنكم إن جربتموه أبغضتموه و
أبغضتم عمله]، و قد كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: كيف تحمدون القراء
مع غلظ رقابهم و رقة ثيابهم و أكلهم مخ الحنطة و اللّه إن سف الرماد كثير على من
يخشى اللّه و يتقيه، و كان يوسف بن أسباط رحمه اللّه تعالى يقول: ما مات سفيان
الثوري رحمه اللّه قال الناس للقراء: معاشر القراء كلوا الآن الدنيا بالدين فقد
مات الثوري، لكونه كان أشد الناس حطا على القراء و لكثرة مناقشته لهم رحمه اللّه
تعالى.