و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول:
إن العالم إذا لم يكن زاهدا فهو عقوبة لأهل زمانه و فتنة، و كان يقول يا أهل العلم
قد صارت بيوتكم كسروية و أخلاقكم شيطانية فأين المحمدية، و كان أبو الدرداء رضي
اللّه عنه يقول: إني أخاف أن يقال لي يا عويمر ماذا صنعت فيما علمت؟ و قد سئل
الإمام مالك رضي اللّه عنه عن الراسخين في العلم من هم؟ فقال: هم العاملون به
المتبعون لآثار من قبلهم، و قد سئل مرة الشعبي رحمه اللّه تعالى عن مسألة فقال لا
أدري، فقالوا له: ألا تستحي من قولك لا أدري و أنت عالم العراق، فقال إن الملائكة
عليهم الصلاة و السلام أكثر أدبا و علما منا و لم تستحي من قولها [سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا][1].
و كان كعب الأحبار رضي اللّه عنه يقول: يكون في آخر الزمان علماء
يتغايرون على القرب من الأمراء كتغاير الرجال على النساء أولئك شرار خلق اللّه
سبحانه و تعالى، و كان المعتمر بن سليمان رحمه اللّه تعالى يقول: إياكم أن تقولوا
إن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعبوا الشطرنج أو لبسوا المعصفر أو
شربوا النبيذ المثلث فتكونوا فاسقين إنما فعل أحدهم ذلك قبل بلوغ النهي فأين أنتم
منهم و أنتم تفعلون بما يخالف كتاب ربكم عز و جل و سنة نبيكم صلى اللّه عليه و سلم،
و كان حاتم الأصم رحمه اللّه تعالى يقول: من اكتفى بالكلام من العلم دون الزهد و
الفقه تزندق و من اكتفى بالزهد دون الفقه و الكلام تبدع، و من اكتفى بالفقه دون
الزهد و الكلام تفسق، و من جمع بينهما تخلص اه.
و قد كان الإمام الأوزاعي رحمه اللّه تعالى يتكلم بالكلام العاري من
الإعراب و يقول إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع، و لقد أعربنا في الكلام و لحنا في
العمل، و كان أبو حفص الحداد رحمه اللّه تعالى يقول لعلماء زمانه: إلى متى تكتبون
الكراريس و الدواوين، إنما العلم آلة فإذا حضر العدو و أنت تجمع الآلة فمتى تقاتل،
و كان الإمام مالك رضي اللّه عنه يقول: إذا أحب العالم أن يعرف بالعلم فهو شر من
إبليس.
(قلت) و لعل مراده رضي اللّه عنه أن يعرف لغير غرض شرعي، و كان ابن
السماك رحمه اللّه تعالى يقول لعلماء زمانه كم من مذكر للّه تعالى منكم و هو له
ناس، و كم من مخوف من اللّه تعالى منكم و هو جريء على معاصيه، و كم من مقرب إلى
اللّه تعالى و هو بعيد منه، و كم من داع إلى اللّه و هو فار منه.
و قد وقفت امرأة يوما على إبراهيم بن يوسف رحمه اللّه تعالى تنظر
إليه، فقال لها: