responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 116

رأيت أورع من أبي حنيفة و لا أعبد منه رضي اللّه تعالى عنه، و كان أبو مسهر رحمه اللّه تعالى لا يضع جنبه إلى الأرض لا ليلا و لا نهارا لدوام شهوده أنه في حضرة ربه عز و جل، و كانت و سادته ركبته فكان ينام لحظة يسيرة بين الظهر و العصر.

و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: ما نمت قط إلا و خفت أن ينزل علي العذاب و أنا نائم، و لو قدرت أن لا أنام ما نمت أبدا، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: أدركت سبعين رجلا من أهل بدر رضي اللّه عنهم لو رأوكم لقالوا هؤلاء مجانين و لو رأوا ما فعله الناس اليوم لقالوا: هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب أو ليس لهم في الآخرة من نصيب.

و كان أحدهم لا يخرج من بيته إلا للوضوء و صلاة الجماعة في المسجد، و كان المغيرة رحمه اللّه تعالى يقول: رمقت مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى ليلة فتوضأ بعد العشاء ثم قام يريد أن يصلي فقبض على لحيته و صار يبكي و يتضرع إلى الفجر و لم يقدر يركع شيئا، و قد كان أحدهم يحن إلى الليل إذا أقبل ليخلو فيه بحضرة ربه عز و جل و يتكدر من النهار إذا أقبل خوفا من الناس أن يشغلوه عن عبادة ربه.

و كانوا قد بلغوا من العبادة الغاية القصوى بحيث لو قيل لأحدهم أن القيامة تقوم غدا لا يجد زيادة على ما هو فيه، و كان إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى كثيرا ما يصلي العشاء ثم يضطجع إلى الصباح و يقول: إن خوف النار لم يدعني هذه الليلة أنام و لا أصلي و لا أتكلم ثم يقوم لصلاة الصبح بوضوء العشاء، و كان شداد بن أوس رحمه اللّه تعالى كأنه حبة قمح في مقلاة إلى الصباح و يقول: إن خوف النار منعني أن أنام أو أصلي أو أتكلم هذه الليلة.

(قلت) إنما خاف الأكابر من النار لما فيها من الحجاب عن اللّه تعالى لا لذاتها لأنهم لا يخافون إلا من اللّه تعالى وحده، كما أن من أحب الجنة من الأكابر لم يحبها لنعيم الأكل و نحوه و إنما أحبها لكونها دار المشاهدة للّه تعالى و اللّه أعلم.

و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: لقد أدركت أقواما كان أحدهم يصلي حتى يأتي إلى فراشه زحفا، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: لو كانت العبادة طائرا لكان جناحها الصوم و الصلاة و كانوا لا ينامون في الشتاء إلا فوق الأسطحة، كما أنهم كانوا يلبسون رقاق الثياب حتى يبرد أحدهم فلا ينام.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست