كيف ذلك؟ قال: ازهد في الدنيا، فقال له
الرجل زدني، قال له: اجعل نفسك ذنبا و اجلس إلى الناس و لا تجعل نفسك رأسا و تطلب
منهم أن يجلسوا إليك.
و قد دخل عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى يوما على عابد و قال
له: جئتك لأجل أن تعظني، فقال له العابد: لو علمت أنك ممن يخاف اللّه تعالى لوعظتك
فغشى على عمر من كلامه، و كان عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى يقول: رأيت أبا
العباس الخضر 7 بالمدينة المشرفة فقلت له: أوصني، فقال: إياك يا عمر أن
تكون وليا للّه تعالى في العلانية و عدوا له في السر، و قال رجل لعيسى عليه الصلاة
و السلام: عظني يا روح اللّه، فقال له: إلى كم يوعظ أحدكم و لا يتعظ لقد كلفتم
الواعظين شططا و تعبا.
(و قال رجل) للحسن البصري رحمه اللّه تعالى أوصني، فقال له: لا تذنب
فتلقى نفسك في النار مع أنك لو رأيت أحدا يلقى برغوثا في النار لأنكرت عليه و أنت
تلقي نفسك في النار كل يوم مرات كثيرة و لا تنكر عليها.
(و قال رجل) لعبد اللّه بن المبارك رحمه اللّه تعالى أوصني، فقال له:
اترك فضول النظر و توفق للخشوع و اترك فضول الكلام توفق للحكمة، و اترك الخوض في
ذات اللّه توق الشك و النفاق، و قال رجل لمحمد بن سيرين رحمه اللّه تعالى أوصني، فقال:
لا تحسد أحد فإنه إن كان من أهل النار فكيف تحسده على دنيا فانية سيصير بعدها إلى
النار، و إن كان من أهل الجنة فاتبعه في أعمالها و اغبطه عليها فإن ذلك أولى من
حسدك له على الدنيا.
(و قال رجل) لأبي الدرداء رضي اللّه عنه أوصني، فقال له: اذكر يوما
تصير السريرة فيه علانية. (و قال رجل) لسفيان بن عيينة رحمه اللّه تعالى أوصني،
فقال له: إياك أن تتكبر أو تأكل شيئا من أموال الناس بغير حق فإن من تكبر على
الناس ذل و من اغتنم أموال الناس افتقر.
(و قد سمع الحسن البصري) رحمه اللّه تعالى مرة رجلا يقول: المرء مع
من أحب، فقال له: لا يغرنك يا أخي هذا القول فإنك لن تلحق بالأبرار إلا إن عملت
بمثل أعمالهم، فإن اليهود و النصارى يحبون أنبيائهم و ليسوا معهم في الجنة لتخلفهم
عنهم في الأعمال و مخالفتهم لهم، ثم قال و اعجبا من قوم أمروا بالزاد و نودوا
بالرحيل و هم جلوس يضحكون، فإن من كان الليل و النهار مطيته فهو يسار به و لا
يشعر.
و كان شقيق البلخي رحمه اللّه تعالى يأمر أصحابه بالتهيؤ كل وقت
للموت و يقول