responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 108

إليه، فإذا رأيت إنسانا و توسمت فيه أنه قد جاءك بشي‌ء، أو سمعت حركته و لم تره، فقالت لك النفس: هذا فتح من اللّه، فدخل عليك ذلك بذلك الفتح، فلا تقبله ورده عليه، فإن أتاك باستشراف، و لتعلقها بالرزق حتى كوشفت عليها، فأين اللّه منها في ذلك الوقت؟ فلا تقبله و لو كنت على الهلاك، فإذا أتاك الشي‌ء من غير استشراف، و حصل بين يديك، فانظر على الفور ما تجد في نفسك في أول خاطر عند رؤية ذلك الفتوح، فإن وجدت في نفسك انقباضا منه فرده عليه، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، و إن لم تجد انقباضا و وجدت شرحا، فإن صاحبه شره فرده و لا تقبله، و إن لم يصحبه شره فحينئذ فخذ منه قدر ما تحتاج إليه في ذلك الوقت، ورد عليه ما بقي، و لا تقعد في ذلك الموضع، و ارحل عنه، إن كان المصر كبيرا جدا إلى موضع آخر، و لا ترد المواضع التي جرت العادة بإتيان الفتوح إليها، كالربط و المساجد و ما أشبه ذلك، و هذا كله حتى يتقوى يقينك، و إن لم تفعل هذا و إلا فقد خنت نفسك؛ و لا تسمع من صوفي نطق من مقامه فقال: لا أرى غير ربي، ما قالها حتى قاسى ما ذكرته لك و حينئذ، و أما أن يفعل ذلك ابتداء فشغل البطالين.

فصل في الصحبة

و الصحبة أشر شي‌ء على المريد، فإن الطريق مبني على قطع المألوفات، و ترك المستحسنات، و لما كانت الصحبة تؤدي إلى الألفة و الأنس، و تغيير المحل بوجود الألم عند وقوع المفارقة، لهذا كرهناها، و لهذا تقول المشيخة «من وجد الأنس في الخلوة، و الوحشة في الملأ، فأنسه بالخلوة لا باللّه» و إنما التبس عليه، فالأولى بالمريد الاعتزال عن الصحبة جملة، و لتكن همته في طلب الشيخ، فإن وجد الشيخ فلا يلحظ غيره، و لا يصاحب إخوته من تلامذة الشيخ، و لا يجالسهم إلا إن أمره الشيخ بذلك، فينبغي للمريد أن يكون مع الخلق مع جنسه و غيره كالوحش يفر، يطلب بذلك الأنس باللّه، و يكثر الذكر و يستهتر فيه‌[1]، و لا يبايت أحدا و لا يجالسه، فإن اضطر إلى الصحبة


[1] - الاستهتار بالذكر، هو أن لا يزال العبد مواظبا على الذكر مع الأنفاس، فلا يخرج منه نفس في يقظة و لا نوم إلا به، فيكون صاحب هجير.

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست