و قيل: السماع فيه نصيب لكل عضو؛ فما يقع إلى العين تبكى، و ما يقع
إلى اللسان يصيح، و ما يقع على اليد تمزق الثياب و تلطم، و ما يقع إلى الرجل ترقص.
و قيل: مات بعض ملوك العجم، و خلف ابنا صغيرا، فأرادوا أن يبايعوه
فقالوا: كيف نصل إلى معرفة عقله و ذكائه؟ .. ثم توافقوا على أن يأتوا بقوال يقول
شيئا؛ فإن أحسن الإصغاء علموا كياسته. فأتوا بقوال، فلما قال القوال شيئا ضحك
الرضيع، فقبلوا الأرض بين يديه و بايعوه.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول: اجتمع أبو عمرو بن نجيد، و
النصراباذى، و الطبقة فى موضع؛ فقال النصراباذى: أنا أقول إذا اجتمع القوم فواحد
يقول شيئا و يسكت الباقون خير من أن يغتابوا أحدا.
فقال أبو عمرو: لأن تغتاب أنت ثلاثين سنة أنجى لك من أن تظهر فى
السماع ما لست به.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول: الناس فى السماع
ثلاثة:
متسمع؛ و مستمع؛ و سامع؛ فالمتسمع يسمع بوقت؛ و المستمع يسمع بحال؛ و
السامع يسمع بحق.
و سألت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه تعالى، غير مرة، شبه طلب
رخصة فى السماع، فكان يحيلنى على ما يوجب الإمساك عنه، ثم بعد طول المعاودة قال:
إن المشايخ قالوا: «ما جمع قلبك إلى اللّه سبحانه و تعالى فلا بأس
به».