اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 425
أراد منه، و هو أن يرجع آخر العبد إلى أوله،
فيكون كما كان قبل أن يكون[1].
و سئل البوشنجى عن التوحيد فقال: غير مشبه الذوات و لا منفى الصفات.
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمى يقول: سمعت منصور بن عبد اللّه
يقول:
سمعت أبا الحسين العنبرى يقول: سمعت سهل بن عبد اللّه يقول، و قد سئل
عن ذات اللّه، عز و جل، فقال: ذات اللّه تعالى موصوفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة
و لا مرئية بالأبصار فى دار الدنيا، و هى موجودة بحقائق الإيمان من غير حد و لا
إحاطة و لا حلول، و تراه العيون فى العقبى ظاهرا فى ملكه و قدرته، قد حجب الخلق عن
معرفة كنه ذاته، و دلهم عليه بآياته؛ فالقلوب تعرفه، و العقول لا تدركه، ينظر إليه
المؤمنون بالأبصار من غير إحاطة و لا إدراك نهاية.
و قال الجنيد: أشرف كلمة فى التوحيد: ما قاله أبو بكر الصديق، رضى
اللّه عنه:
سبحان من لم يجعل لخلقه سبيلا إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته.
قال الأستاذ أبو القاسم: ليس يريد الصديق رضى اللّه عنه، أنه لا
يعرف؛ لأن عند المحققين: العجز عجز عن الموجود، دون المعدوم، كالمقعد عاجز عن
قعوده إذ ليس بكسب له و لا فعل، و القعود موجود فيه، كذلك العارف عاجز عن معرفته،
و المعرفة موجودة فيه: لأنها ضرورية.
و عند هذه الطائفة المعرفة به سبحانه فى الانتهاء ضرورية.
فالمعرفة الكسبية فى الابتداء، و إن كانت معرفة على التحقيق، فلم
يعدها الصديق رضى اللّه عنه شيئا بالإضافة إلى المعرفة الضرورية، كالسراج عند طلوع
الشمس و انبساط شعاعها عليه.
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أحمد بن سعيد البصرى بالكوفة يقول:
سمعت ابن الأعرابى يقول: قال الجنيد: التوحيد الذى انفرد به الصوفية
هو:
[1] - و المراد، كما قال الإمام الأنصارى، أن حق العبد
أن يكون راضيا بما يجزيه اللّه عليه مما يرضاه له و تشهد بصحته الشريعة، و ربه-
حينئذ- لكمال حفظه و محبته له لا يجرى عليه إلا ما ينفعه.
اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 425