اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 419
فقال: اللّه. فقال له: فليصحبه الآن.
و صحب رجل رجلا مدة، ثم بدا لأحدهما المفارقة، فاستأذن صاحبه، فقال:
بشرط ألا تصحب أحدا إلا إذا كان فوقنا، و إن كان أيضا فوقنا فلا تصحبه؛ لأنك
صحبتنا أولا. فقال الرجل: زال من قلبى إرادة المفارقة.
سمعت أبا حاتم الصوفى، يقول: سمعت أبا نصر السراج، يقول: سمعت الدفى
يقول: سمعت الكنانى يقول: صحبنى رجل، و كان على قلبى ثقيلا، فوهبت له شيئا، ليزول
ما فى قلبى، فلم يزل .... فحملته إلى بيتى، و قلت له: ضع رجلك على خدى. فأبى،
فقلت: لابد. ففعل، و اعتقدت[1] أن لا
يرفع رجله من خدى حتى يرفع اللّه من قلبى ما كنت أجده، فلما زال عن قلبى ما كنت
أجده، قلت له:
ارفع رجلك الآن.
و كان إبراهيم بن أدهم يعمل فى الحصاد و حفظ البساتين و غيره، و ينفق
على أصحابه.
و قيل: كان مع جماعة من أصحابه، فكان يعمل بالنهار و ينفق عليهم، و
يجتمعون بالليل فى موضع و هم صيام[2]، فكان
يبطئ فى الرجوع من العمل، فقالوا ليلة: تعالوا نأكل فطورنا دونه، حتى يعود بعد هذا
أسرع، فأفطروا، و ناموا، فلما رجع إبراهيم وجدهم نياما، فقال: مساكين، لعلهم لم
يكن لهم طعام؛ فعمد إلى شئ من الدقيق كان هناك، فعجنه، و أوقد على النار، و طرح
الملة[3]،
فانتبهوا، و هو ينفخ فى النار واضعا محاسنه على التراب فقالوا له فى ذلك، فقال:
قلت لعلكم لم تجدوا فطورا .. فنمتم. فأحببت أن تستيقظوا و الملة قد أدركت[4].
فقال بعضهم لبعض: انظروا ما الذى عملنا، و ما الذى به يعاملنا.
و قيل: كان إبراهيم بن أدهم إذا صحبه أحد شارطه على ثلاثة أشياء:
أن تكون الحدمة و الأذان له[5]،
و أن تكون يده فى جميع ما يفتح اللّه عليهم من الدنيا كيدهم.