responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 417

باب الصحبة

قال اللّه عز و جل: «ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا»[1].

لما أثبت اللّه سبحانه للصديق الصحبة بين أنه أظهر عليه الشفقة؛ فقال تعالى:

«إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا».

فالحر شفيق على من يصحبه.

أخبرنا على بن أحمد الإهوازى، رحمه اللّه، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد البصرى، قال: حدثنا يحيى بن محمد الجيانى قال: حدثنا عثمان بن عبد اللّه القرشى، عن نعيم بن سالم، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

«متى ألقى أحبابى؟ فقال أصحابه: بأبينا أنت و أمنا، أو لسنا أحبابك؟

فقال: أنتم أصحابى، أحبابى: قوم لم يرونى، و آمنوا بى، و أنا إليهم بالأشواق أكثر»[2].

و الصحبة على ثلاثة أقسام:

صحبة مع من فوقك: و هى فى الحقيقة خدمة، و صحبة مع من دونك: و هى تقضى على المتبوع بالشفقة و الرحمة، و على التابع بالوفاق و الحرمة.

و صحبة الأكفاء و النظراء: و هى مبنية على الإيثار و الفتوة؛ فمن صحب شيخا فوقه فى الرتبة، فأدبه ترك الاعتراض، و حمل ما يبدو منه على وجه جميل، و تلقى أحواله بالإيمان به.

سمعت منصور بن خلف المغربى و سأله بعض أصحابنا: كم سنة صحبت أبا عثمان المغربى؟ فنظر إليه شزرا[3] و قال: إنى لم أصحبه، بل خدمته مدة. و أما إذا صحبك من هو دونك، فالخيانة فى حق صحبته أن لا تنبهه على ما فيه من نقصان فى حالته؛ و لهذا كتب أبو الخير التينانى إلى جعفر بن محمد بن نصير: وزر جهل الفقراء عليكم؛ لأنكم اشتغلتم بنفوسكم عن تأديبهم، فبقوا جهلة.

و أما إذا صحبت من هو فى درجتك، فسبيلك التعامى‌[4] عن عيوبه، و حمل‌


[1] - آية 40 من سورة التوبة.

[2] - أخرجه الترمذى فى صحيحه.

[3] - أى بمؤخر العين.

[4] - و فى نسخة« التغاضى».

اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست