اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 368
باب الغيرة
قال اللّه تعالى: «قُلْ إِنَّما حَرَّمَ
رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ»[1].
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس المزكى قال: أخبرنا أبو أحمد
حمزة ابن العباس البزاز ببغداد قال: حدثنا محمد بن غالب بن حرب قال: حدثنا عبد
اللّه ابن مسلم، قال: حدثنا محمد بن الفرات، عن إبراهيم الهجرى، عن أبى الأحوص عن
عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما أخذ أغير من
اللّه تعالى، و من غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن»[2].
أخبرنا على بن أحمد الأهوازى قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال:
حدثنا على بن الحسن بن بنان قال: حدثنا عبد اللّه بن رجاء قال:
أخبرنا حرب بن شداد قال: حدثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة: أن أبا هريرة رضى
اللّه عنه، حدثهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «إن اللّه يغار، و إن
المؤمن يغار، و غيرة اللّه تعالى: أن يأتى العبد المؤمن ما حرم اللّه عليه»[3].
و الغيرة: كراهية مشاركة الغير، و إذا وصف اللّه سبحانه بالغيرة،
فمعناه:
أنه لا يرضى بمشاركة الغير معه فيما هو حق له تعالى من طاعة عبده له.
حكى عن السرى السقطى: أنه قرئ بين يديه:
«وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً».[4]
فقال السرى لأصحابه:
أتدرون ما هذا الحجاب؟. هذا حجاب الغيرة، و لا أحد أغير من اللّه
تعالى.
و معنى قوله: «هذا حجاب الغيرة» يعنى: أنه لم يجعل الكافرين أهلا
لمعرفة صدق الدين.
و كان الأستاذ أبو على الدقاق، رحمه اللّه: يقول: إن أصحاب الكسل عن
عبادته تعالى هم الذين ربط الحق بأقدامهم مثقلة الحذلان[5]،
فاختار لهم البعد عنه، و أخرهم عن محل القرب؛ و لذلك تأخروا.
[2] - و روى بنحوه عن عائشة فيما أخرجه البخارى: عن
النبى صلى اللّه عليه و سلم قال: ما أحد أغير من اللّه أن يرى عبده أو أمته تزنى،
يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا».
[3] - و المراد بالغيرة هنا عدم الرضا و الحديث أخرجه
أحمد فى مسنده و البخارى و مسلم فى صحيحيهما، و الترمذى و قال حديث صحيح.