اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 295
و قيل: كان ابن عمر، رضى اللّه عنه، فى سفر،
فرأى غلاما يرعى غنما، فقال له: تبيع من هذه الغنم واحدة؟.
فقال: إنها ليست لى. فقال: قل لصاحبها إن الذئب أخذ منها واحدة، فقال
العبد: فأين اللّه ... فكان ابن عمر يقول بعد ذلك إلى مدة: قال ذلك العبد: فأين
اللّه.
و قال الجنيد: من تحقق فى المراقبة خاف فوت حظه من ربه عز و جل لا
غير.
و كان بعض المشايخ له تلامذة .. فكان يخص واحدا منهم باقباله عليه
أكثر مما يقبل على غيره، فقالوا له فى ذلك، فقال: أبين لكم ذلك .. فدفع إلى كل
واحد من تلامذته طائرا، و قال له: إذبحه بحيث لا يراه أحد، و دفع إلى هذا أيضا،
فمضوا .. و رجع كل واحد منهم و قد ذبح طائره، و جاء هذا بالطائر حيا. فقال: هلا
ذبحته؟ فقال: أمرتنى أن أذبحه فى مكان لا يرانى فيه أحد و لم أجد مكانا لا يرانى
فيه اللّه فلم أذبحه لأن اللّه يرانى فى كل مكان لهذا أخصه باقبالى عليه.
و قال ذو النون المصرى: علامة المراقبة: إيثار ما آثر اللّه تعالى، و
تعظيم ما عظم اللّه تعالى، و تصغير ما صغر اللّه تعالى.
و قال النصراباذى: الرجاء: يحركك إلى الطاعات، و الخوف: يبعدك عن
المعاصى، و المراقبة: تؤديك إلى طرق[1]
الحقائق.
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا العباس البغدادى يقول: سألت جعفر
بن نصير عن المراقبة، فقال: مراعاة السر؛ لملاحظة نظر الحق سبحانه مع كل خطرة.
و سمعته يقول: سمعت أبا الحسن الفارسى يقول: سمعت الجريرى يقول:
أمرنا هذا مبنى على فصلين: و هو[2]
أن تلزم نفسك المراقبة للّه تعالى، و يكون العلم على ظاهرك قائما.