اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 293
باب المراقبة
قال اللّه تعالى: «وَ كانَ اللَّهُ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً»[1].
أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد بن اسحق، قال: حدثنا أبو
عوانة يعقوب بن اسحق، قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم، قال: حدثنا خالد بن يزيد
قال: حدثنا إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس بن أبى حازم، عن جرير بن عبد اللّه
البجلى، قال: «جاء جبريل إلى النبى صلى اللّه عليه و سلم فى صورة رجل، فقال: يا
محمد، ما الإيمان؟. قال: أن تؤمن باللّه و ملائكته، و كتبه، و رسله، و القدر: خيره
و شره، و حلوه و مره. قال: صدقت. قال: فتعجبنا من تصديقه النبى صلى اللّه عليه و
سلم و هو يسأله و يصدقه، قال: فأخبرنى ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تقيم الصلاة، و
تؤتى الزكاة، و تصوم رمضان، و تحج البيت. قال: صدقت.
قال فأخبرنى ما الإحسان؟ قال: الإحسان: أن تعبد اللّه كأنك تراه، فان
لم تكن تراه فانه يراك. قال: صدقت ..» الحديث[2].
قال الشيخ: هذا الذى قاله صلى اللّه عليه و سلم: «فان لم تكن تراه
فانه يراك» إشارة إلى حال المراقبة؛ لأن المراقبة علم العبد باطلاع الرب سبحانه
عليه، فاستدامته لهذا العلم مراقبة لربه، و هذا أصل كل خير له، و لا يكاد يصل إلى
هذه المرتبة إلا بعد فراغه من المحاسبة، فاذا حاسب نفسه على ما سلف له، و أصلح
حاله فى الوقت، و لازم طريق الحق، و أحسن بينه و بين اللّه تعالى مراعاة القلب، و
حفظ مع اللّه تعالى الأنفاس، و راقب اللّه تعالى فى عموم أحواله، فيعلم أنه
سبحانه، عليه رقيب، و من قلبه قريب، يعلم أحواله، و يرى أفعاله، و يسمع أقواله، و
من تغافل عن هذه الجملة فهو بمعزل عن بداية الوصلة، فكيف عن حقائق القربة.