فاللوائح كالبروق، ما ظهرت حتى استترت، كما قال القائل:
افترقنا
حولا فلما التقينا
كان
تسليمه على وداعا
و أنشدوا:
يا
ذا الذى زار و ما زارا
كأنه
مقتبس نارا
مر
بباب الدار مستعجلا
ما
ضره لو دخل الدارا؟
و اللوامع: أظهر من اللوائح. ليس زوالها بتلك السرعة، فقد تبقى
اللوامع وقتين، و ثلاثة.
و لكن كما قالوا:
و العين باكية لم تشبع النظرا
و كما قالوا:
لم
ترد ماء وجهه العين إلا
شرقت
قبل ريها برقيب
فاذا لمع قطعك عنك، و جمعك به، لكن لم يسفر نور نهاره حتى كرّ عليه
عساكر الليل، فهؤلاء بين روح و نوح؛ لأنهم بين كشف و ستر.
كما قالوا:
فالليل
يشملنا بفاضل برده
و
الصبح يلحفنا ردءا مذهبا
و الطوالع: أبقى وقتا، و أقوى سلطانا، و أدوم مكثا، و أذهب للظلمة و
أنفى للتهمة. لكنها موقوفة على خطر الأفول، ليست برفيعة الأوج، و لا بدائمة المكث.
ثم أوقات حصولها و شيكة الارتحال، و أحوال أفولها طويلة الأذيال.
و هذه المعانى، التى هى: اللوائح و اللوامع و الطوالع، تختلف فى
القضايا[2]، فمنها ما
إذا فات لم يبق عنها[3] أثر،
كالشوارق إذا أفلت، فكأن الليل كان دائما.
و منها ما يبقى عنه أثر، فان زال رقمه[4]
بقى ألمه، و إن غربت أنواره بقيت آثاره. فصاحبه بعد سكون غلباته[5]
يعيش فى ضياء بركاته، فالى أن يلوح ثانيا يرجى[6]
وقته على انتظار عوده، و يعيش بما وجد فى كونه[7].