responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 135

سمعت محمد بن الحسين، يقول: سمعت عمر بن محمد بن أحمد يقول:

سمعت امرأة أبى عبد اللّه التروغندى تقول:

لما كانت أيام المجاعة، و الناس يموتون من الجوع، دخل أبو عبد اللّه التروغندى بيته، فرأى فى بيته مقدار منوين‌[1] حنطة، فقال: الناس يموتون من الجوع، و فى بيتى حنطه ..

فخولط فى عقله، فما كان يفيق إلا فى أوقات الصلاة يصلى الفريضة ثم يعود إلى حالته، فلم يزل كذلك إلى أن مات.

دلت هذه الحكاية على أن هذا الرجل كان محفوظا عليه آداب الشريعة عند غلبات أحكام الحقيقة. و هذا هو صفة أهل الحقيقة، ثم كان سبب غيبته عن تمييزه: شفقته على المسلمين. و هذا أقوى سمة لتحققه فى حاله.

و من ذلك:

الجمع و الفرق‌

لفظ «الجمع و التفرقة» يجرى فى كلامهم كثيرا.

و كان الأستاذ أبو على الدقاق يقول:

الفرق: ما نسب إليك.

و الجمع: ما سلب عنك.

و معناه: أن ما يكون كسبا للعبد، من إقامة العبودية، و ما يليق بأحوال البشرية، فهو: فرق.

و ما يكون من قبل الحق، من إبداء معان، و إسداء لطف و إحسان فهو: جمع.

هذا أدنى أحوالهم فى الجمع و الفرق، لأنه من شهود الأفعال. فمن أشهده الحق- سبحانه- أفعاله عن طاعاته و مخالفاته فهو: عبد بوصف التفرقة[2]، و من أشهده الحق- سبحانه- ما يوليه: من أفعال نفسه سبحانه، فهو: عبد يشاهد الجمع.


[1] - منوين: تثنية منا: و هو مكيال مقداره رطلان.

[2] - التفرقة بين العابد و المعبود.

اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست