اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 130
و حال الهيبة و الأنس، و إن جلتا، فأهل
الحقيقة يعدونهما: نقصا لتضمنهما تغير العبد. فان أهل التمكين سمت أحوالهم عن
التغير. و هم محو فى وجود العين[1]، فلا هيبة
لهم و لا أنس، و لا علم و لا حس.
و الحكاية معروفة عن أبى سعيد الخراز، أنه قال:
تهت فى البادية مرة، فكنت أقول:
أتيه
فلا أدرى من التيه من أنا
سوى
ما يقول الناس فى و فى جنسى
أتيه
على جن البلاد و إنسها
فان
لم أجد شخصا أتيه على نفسى
قال: فسمعت هاتفا يهتف بى، و يقول:
أيا
من برى الأسباب
أعلى وجوده
و
يفرح بالتيه الدنى و بالأنس
فلو
كنت من أهل الوجود حقيقة
لغبت
عن الأكوان و العرش و الكرسى
و
كنت بلا حال مع اللّه واقفا
تصان
عن التذكار للجن و الإنس
و إنما يرتقى العبد عن هذه الحالة بالوجود.
و من ذلك:
التواجد، و الوجد، و الوجود
فالتواجد: استدعاء[2] الوجد
بضرب اختيار، و ليس لصاحبه كمال الوجد؛ إذ لو كان لكان واجدا، و باب التفاعل أكثره
على إظهار الصفة، و ليست كذلك.