و أشار قوم إلى بقاء الأحوال، و دوامها. و قالوا: إنها إذا لم تدم و
لم تتوال فهى لوائح و بواده[3]، و لم يصل
صاحبها بعد إلى الأحوال فاذا دامت تلك الصفة فعند ذلك تسمى: «حالا».
و هذا أبو عثمان الحيرى يقول:
منذ أربعين سنة ما أقامنى اللّه فى حال فكرهته.
أشار إلى دوام الرضا، و الرضا من جملة الأحوال.
فالواجب فى هذا: أن يقال: إن من أشار إلى بقاء الأحوال فصحيح ما قال؛
فقد يصير المعنى شربا[4] لأحد
فيربى فيه.
و لكن لصاحب هذه الحال أحوال: هى طوارق[5]
لا تدوم فوق أحواله التى صارت شرابا له؛ فاذا دامت هذه الطوارق له، كما دامت
الأحوال المتقدمة.
ارتقى إلى أحوال أخر، فوق هذه و ألطف من هذه، فأبدا يكون فى الترقى.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول فى معنى قوله صلى
اللّه عليه و سلم: «إنه ليغان[6] على قلبى
حتى أستغفر اللّه تعالى فى اليوم سبعين مرة»[7]:
أنه كان
[1] - أى: إن بقى شئ منها مع العبد فالباقى حديث نفسه
بالحال، لا نفس الحال.
[2] - فاء الظل يفئ فيئا: إذا رجع من جانب المغرب إلى
جانب المشرق.
[3] - لوائح: من لاح له المعنى إذا ظهر، و بواده: من
بدهه إذا فجأة و بغته.