بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العالمين، و أفضل الصلاة و
أتمّ التسليم على سيد الذاكرين، و خير من قرأ كتاب اللّه العزيز الكريم.
و بعد، فإنّ محبة اللّه و القرب منه كانت دأب الصالحين، و ديدن
الأتقياء العالمين، الذين أجمعوا على أن سلامة العقيدة أولا ثم الذكر- كما علمنا
رسولنا صلى اللّه عليه و سلم- متضمنا التلاوة ثانيا هي طريق العمل الصالح
المتقبّل.
و الذكر لا تجنى ثمرته بتمامها، و لا غلّته بكمالها ما لم يكن مشفوعا
بقصص الصالحين، و حكايات المقرّبين، ففي قصصهم عبرة و آية، و معجزة ليس لها نهاية،
تريك بلسان الحال كيف نالوا المحبّة و الهدى، و خصوا بالقرب و الرّضا بفضل ذكرهم و
عبادتهم، ففي حكاياتهم دعوة لسمو النفس، و نداء لحضرة القدس.
كيف لا و أنت ترى كيف أدمنوا قرع الباب، فتخطّوا الحجاب، و نالوا
الرّتب، فغدوا بمنزلة الصحابة الأحباب.
و هذا كتاب قد جمع فيه صاحبه بطريقة سنية، و حبكة عالية مرضية فضل
الذكر مع التلاوة، مازجا بها حكايات القوم رغبة منه في تقويم السلوك، و النهوض إلى
خير الخصال المقرّبة إلى الرّب المعبود، فحوى بين دفتيه معاني التصوف و خصاله؛ من
زهد في الدنيا، و توكّل على اللّه، و رغبة في الطاعات، و تخلق بأخلاق السادة
النبلاء.