الباب الثالث في فضل الذّاكرين، و الذكر
مطلقا، و الحثّ عليه
اعلم أنّ الأذكار عظيمة الفضائل، إلى نيل فضل اللّه من أفضل الوسائل،
من أطال المواظبة عليها نال كلّ نيل طائل، قد تظاهرت في الدّلالة على فضائلها
قواطع الدلائل من الآيات الكريمات الصّريحات، و الأحاديث النّبويات الصحيحات، و
بلغت في الكثرة و الشهرة مبلغا يخرج عن حصر التعداد، و يغني عن الاستشهاد؛ و لكنّا
نذكر شيئا منها على سبيل التبرّك بكلام اللّه تعالى، و حديث رسول اللّه صلى اللّه
عليه و سلم، و التنبيه على سعة كرم اللّه سبحانه لمن يجهل، و التّذكير لمن يعلم،
فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين، و نبدأ بآيات الكتاب المبين:
قال اللّه العظيم، أصدق القائلين:
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152].
و قال تعالى: وَ لَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ [العنكبوت: 45].
و قال عزّ و جلّ: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ
تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28].
و قال تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ
أَصِيلًا [الأحزاب: 41- 42].
و قال سبحانه و تعالى: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ
كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة: 10].
و قال تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي
نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ
وَ الْآصالِ وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ
[الأعراف: 205].
و قال سبحانه: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها
[طه: 130].
و قال تعالى: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ
وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ [الأنبياء: 20].
و قال سبحانه و تعالى: فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ
مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات: 143- 144].