اسم الکتاب : منهج الرشاد في معرفة المعاد المؤلف : الطالقاني؛ محمد نعيم الجزء : 1 صفحة : 211
لا من حيث خصوصيّاتها ، ويكون كلّ فرد منها شرطا له
على سبيل البدليّة ، ينعدم فرد واحد ويخلفه فرد آخر في ذلك.
لأمكن أن يقال فيما نحن فيه : أنّ الشرط لتعلّق النفس
بالبدن ولبقاء ذلك التعلّق ، هو الأمر الكلّي الذي أفراده تلك المراتب البدنيّة
إلى كمال البدن ، وكلّ مرتبة منها شرط له ، لا لخصوصيّاتها ، بل لكونها ممّا تحقّق
في ضمنها ذلك الأمر الكلّي الذي هو الشرط بالحقيقة ، فيحصل فرد منها ويصير شرطا
لذلك ، ثمّ ينعدم ، ولكن لا ينعدم المشروط ، بل يبقى لأجل حصول فرد آخر منها
ونيابته عن الأوّل في ذلك ، إلى أن يتمّ البدن ويتكامل ، فيكون حينئذ المرتبة
الأخيرة شرطا لذلك إلى أوان حلول الأجل ، حتّى إذا انعدمت هي بفساد البدن ، انعدم
الشرط بالكلّية ، فينعدم المشروط الذي هو التعلّق المذكور.
وعلى هذا وإن أمكن تصحيح كون البدن شرطا لتعلّق النفس
به ، وأمكن أيضا تصحيح كون البدن علّة بالعرض للنفس ، حيث إنّ تلك العلّية أي
الشرطية منسوبة أوّلا وبالذات إلى التعلّق المذكور ، وثانيا وبالعرض إلى وجود ذات
النفس في ذاتها ، حيث فرضناها حادثة بحدوث البدن ، متعلّقة به ، وتعلّقها به فرع
وجودها في نفسها ، إلا أنّ ذلك أيضا ممّا لا يضرّنا ، لأنّ وجود هذا الشرط ، وإن استلزم
وجود النفس وحدوثها ، لكن انتفاؤه لا يستلزم انتفاء ذات النفس في ذاتها ، بل
انتفاء تعلّقها بالبدن كما مرّ بيانه في السابق ، فيمكن أن يكون التعلّق وحده
منتفيا لأجل انتفاء التعلّق به خاصّة ، أي البدن ، ولا يكون المتعلّق أي ذات النفس
منتفيا ، بل باقيا بذاته لبقاء علّته المقيمة إيّاه ، فتبصّر.
وحيث أحطت خبرا بتفاصيل ما فصّلناه ، ظهر لك الجواب
عن الاعتراض المذكور الذي أورده الإمام ، سواء قرّر على وجهين ، أي وجه احتمال كون
البدن علّة قابلية لفساد النفس ، ووجه احتمال كونه شرطا لوجودها كما هو ظاهر كلام
الإمام ، أو قرّر على الوجه الأوّل فقط كما هو الاحتمال ، إلّا أنّك إن اشتهيت
زيادة إيضاح لهذا المقام فاستمع لما يتلى عليك من الكلام.
زيادة
إيضاح للمقام
فنقول : إنّ الحكمة الإلهيّة المتعالية ، لمّا اقتضت
وجود الإنسان الذي من شأنه أن يكون
اسم الکتاب : منهج الرشاد في معرفة المعاد المؤلف : الطالقاني؛ محمد نعيم الجزء : 1 صفحة : 211