(امّا الكلام في المقصد الاول) وهو القطع (فنقول) : هو
عبارة عما اذا كان وجدان الانسان الى طرف بحيث يمنع عن نقيضه ـ سواء كان مطابقا
للواقع اولا ـ فان طابق الواقع سمّي يقينا ، وان لم يطابق سمي جهلا مركبا ، لانه
يجهل الواقع ، ويجهل انه يجهل الواقع.
هذا موضوع القطع ، اما حكمه : فانه (لا
اشكال)
عقلا وعقلائيا ـ وحيث انه تكويني لا شأن للتشريع فيه ـ (في) حجية
القطع ، وانه يحتج المولى على العبدان ترك العمل على طبقه ، ويحتج العبد على
المولى ان عمل بقطعه ، وهذا هو معنى : (وجوب متابعة القطع) والّا
، فمع قطع النظر عن الاحتجاج المذكور ، يمكن للانسان ان يقطع ويخالفه (والعمل
عليه)
جريا ورائه بالعمل ، اذا كان القطع يوجبه ، كالقطع بان هذا اسد فيفرّ منه ،
وبالترك ، اذا كان القطع يوجب الترك ، كالقطع بانه ليس بأسد فلا يفرّ ، ولعل الفرق
بين المتابعة والعمل هو : ان الاول : لوحظ فيه ان القطع شيء يتبعه الانسان ،
كاتباع زيد لعمرو في مشيه ورائه.
والثاني : لوحظ فيه حالة نفسية ـ لاضافة القطع الى
النفس ، كاضافة الشجاعة والكرم اليها ـ فيكون العمل على طبق تلك الحالة (ما
دام موجودا)
فاذا فقد القطع ، كان من السالبة بانتفاء الموضوع (لانه بنفسه
طريق الى الواقع)
من غير حاجة الى تقوية وتأييد ، بخلاف الظن فانه محتاج اليهما.