اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 80
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم
يعلم. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، والحمد
لله رب العالمين ، حمد الشاكرين على نعمه التي لا يبلغ أقاصي حمد الحامدين أوائل [1] حدودها
، ومنحه التي لا تؤدى بها باب شكر الشاكرين أداء [2]
حقوقها. وصلواته على أشرف الخلق جرثومة ، وأزكاهم أرومة ، وأبعد الأنبياء في الفضل
غاية ، وأبهرهم معجزة وآية محمد خير مولود دعا إلى خير معبود. وعلى آله المنتجبين.
هذا كتاب طالما كانت تحضرني النيّة القوية في تصنيفه
وترصيفه ، وتعدني الأيام معونة على تبويبه وترتيبه فتخلف ، وكنت آخذ في تأليفه
يوما ، وأدعه أياما ، وأقبل عليه شهرا ، وأعرض عنه عاما إلى أن لاح لي استفتاح
مدخله ، واستتمام علمه لأوحد الزمان ، وحسنة القرآن ، ومن فضّل الله تعالى ذكره
بشرف الانتساب والاكتساب ، وجمع له محاسن ذوي الألباب ، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب
، وأحيا به جميع العلوم والآداب ، وخصّه بالمعالي المشهورة ، وأفرده بالمآثر
المأثورة ، الأمير الأجل صاحب الجيش أبي المظفر [3] ، فسهل
الطريق وساعد (على) [4] التوفيق ، ويسّر ورد المنهل فوردته ،
وأصاب الغرض فقصدته ، واستنبت بدولته إتمام ما حاولته. واستوى النظام على ما
دبّرته ، وتهيأ الفراغ من هذا الكتاب الذي لو لا ما أتهمه من حسن رأيي فيه ،
وأخافه من فتنة إعجابي به ، لقلت : إنه كتاب بديع المصنع ، شريف المودع ، جليل
الموقع ، هنيّ المرتع ، مريّ المكرع [5] لذيذ المترع ،
أنيس المرأى والمسمع ، أنيق المبدأ والمقطع ، مفيد المغزى والمنتجع. وجعلته مجتمعا
على كل ما استحسنته ،
[3] أبو المظفر هو نصر بن ناصر الدين
صاحب الجيش ، وهو أخو أبي القاسم محمود سبكتكين الغزنوي كان حاكما على نيسابور سنة
389 ه ، ذكره الثعالبي في لطائف المعارف 205 ، وانظر أيضا : معجم الأنساب
والأسرات الحاكمة ص 8.
[5] في الأصل : (المركع) صوابه : المكرع
كما أثبتناه والمكرع : المشرب ، من كرع في الماء يكرع كروعا ، إذا تناوله في موضعه
من غير أن يشرب بكفيه ولا إناء. انظر : الصحاح (كرع).
اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 80