اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 181
ولما صار لما به ، دخل إليه نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم
يعودونه فلما نظر إليهم استعبر باكيا ، وبكوا بين يديه. فقالوا :
لا أبكى الله عينيك يا أمير المؤمنين ، وأبشر بالخير
كله فإنك من الذين أنزل الله فيهم : (لَقَدْ
رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)[1] وممن
قال فيهم : (مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ
بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ
وَرِضْواناً)[2]. ولقد
صحبت رسول الله حتى بشّرك بالجنة في غير موطن ، وفارق الدنيا وهو عنك راض ، ثم
خلّفت خليفة ، وأحسنت الخلافة ، ووليت أمور المؤمنين فلم تأخذك في الله لومة لائم.
وعدلت في الرعية ، وقسمت بينهم بالسوية ، فجزاك عن نبيه وخليفته وعن الإسلام والمسلمين
خير الجزاء.
ولما مضى عمر رضي الله عنه لسبيله وجهز ، أقبل علي
رضي الله عنه باكيا ثم قال للناس :
هذا الفاروق قد مضى نحبه ، ولقي ربه. وكان لا تأخذه
في الله لومة لائم ، ولا يتقدم ولا يتأخر [إلا] [3] وهو
على بينة من ربه ، حتى كأن ملكا يسدده. وكان شفيقا [4] على
المسلمين ، رءوفا بالمؤمنين شديدا على الكافرين ، فرحمة الله ورضوانه عليه. وو
الله ما أحد من عباد الله أحب من أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجّى بين أظهركم.