responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 178

دخل علي رضي الله عنه يوما دار الصدقة ، فنظر إلى عمل عمر قائما في شمس يوم شديد الحر ، وهو يملي في إبل الصدقة وألوانها وأسنانها. فقال علي لعثمان رضي الله عنهما :

أسمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله تعالى : (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)[1] فهذا والله القوي الأمين [2].

ولما ورد على عمر كتاب أبي عبيدة بن الجراح من الشام يذكر له مسير الروم إليه بقضهم وقضيضهم وأساقفهم وقسسهم ، وإنهم قد نزلوا في أربعمائة ألف من بين فارس وراجل موضعا يقال له اليرموك ، ويستمده الجيوش ويقول له :

إنك إن قصرت في مسيرها فاحتسب أنفس المسلمين إن أقاموا ، ودينهم إن انهزموا ، فقد جاءهم مالا قبل (لهم) [3] به.

لم يتمالك عمر أن بكى وبكى المسلمون بالمدينة. وقالوا :

يا أمير المؤمنين ابعثنا جميعا أو أسر بنا. وترجح [4] برأيه في ذلك ، فأشار علي رضي الله عنه بلزوم المدينة ، لتكون المفزع [5] والملجأ للمسلمين بإمداد أبي عبيدة بالرجال والأموال وقال له : ثق بالله يا أمير المؤمنين ، ولا تيأس من روح الله (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)[6]. فقبل رأيه ، وكتب إلى أبي عبيدة [7] :


[1] القصص : 26.

[2] الخبر في أسد الغابة 4 / 71 عن أبي بكر العبسي أنه قال دخلت حين الصدقة مع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب فجلس عثمان في الظل ، وقام علي على رأسه يملي عليه ما يقول عمر. وعمر قائم في يوم شديد الحر عليه بردتان سوداوان ، متزر بواحدة وقد وضع الأخرى على رأسه وهو يتفقد إبل الصدقة فيكتب ألوانها وأسنانها ، فقال علي لعثمان ، أما سمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله عزوجل : (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) وأشار بيده إلى عمر فقال ، هذا هو القوي الأمين.

[3] زيادة ليست في الأصل ، وفي فتوح الشام : (فاحتسب أنفس المسلمين إن هم أقاموا ، ودينهم إن هم تفرقوا).

[4] ترجح أي مال واضطرب ، يقال ترجحت الأرجوحة بالغلام أي مالت.

[5] في الأصل : (المقرع) والصواب المفزع. انظر الصحاح مادة (فزع).

[6] يوسف : 87.

[7] الرسالة في فتوح الشام : 82 وقد حذفت منها عبارات وآيات.

اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست