نعم،
هكذا تشبّثات غريبة تكشف عن وحشة العزلة التي أحسّ بها الشيخ النوري عند تأليف
«فصل الخطاب»، فحاول اختلاق معاضدين له و لو في عالم الأوهام. الأمر الذي لمسه
المسكين من أوّل يومه، فجعل يتسلّى بنفسه بموافقة الدليل فلا يستوحش الانفراد.
قال: لا نستوحش الانفراد ما دام يوافقنا الدليل.[2]
و لكن أين الدليل الذي زعمه مرافقا له، سوى روايات عامّية شاذّة و مخالفة لصريح
القرآن و لإجماع الامّة على الإطلاق.
و
أمّا قوله: «جلّ المحدّثين و أساطين المتأخّرين» فأراد بهم تلك الفئة الأخبارية
التي جعلت أساطينها المتزعزعة تتداعى تجاه صرخة الحقّ المدوّية، و لا كلام لنا
معهم سوى إبداء خطئهم في هذا الاختيار.
نقل
الحديث لا ينمّ عن عقيدة ناقله
من
سفه القول أن ينسب إلى جماعة ما لم يقولوه و إنّما نقلوه نقلا. و مجرّد نقل الحديث
لا ينمّ عن عقيدة ناقله ما لم يتعهّد صحّة ما يرويه و التزامه به. و هكذا نسبوا
إلى جماعة من أعاظم أهل الحديث- كمحمد بن يعقوب الكليني و علي بن إبراهيم القمي و
محمد بن مسعود العيّاشي- أنّهم ذهبوا إلى القول بالتحريف، بحجّة أنّهم أوردوا في
كتبهم أحاديث قد تستدعي- حسب زعم الناسب- وقوع تغيير في الكتاب العزيز.
و
هي نسبة جاهلة لا تعتمد على أساس، و ترفضه ضرورة فنّ التحقيق.
و
للسيّد الشهرستاني الكبير (الميرزا محمد حسين الحائري (ت 1315) كان من أجلّة علماء
عصره و صاحب فنون) برهان لطيف في تزييف هكذا مزعومات باطلة، ذكره في رسالة وضعها
دحضا لشبهة القائل بالتحريف، نورده هنا مع شيء من تفصيل و توضيح حسب المناسبة: