و
قال سيبويه- في باب ما ينتصب في التعظيم و المدح-: و سمعنا بعض العرب يقول:
الحمد
للّه ربّ العالمين- بنصب الربّ- فسألت عنها يونس فزعم أنّها عربيّة.[1]
قال: و مثل ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: «لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما
أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ»،
فلو كان كلّه رفعا كان جيّدا، فأمّا «المؤتون» فمحمول على الابتداء.
قال:
و نظيره قوله تعالى: «وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا
وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ ...».[2]
فقطع إلى النصب مدحا. قال: و لو رفع عطفا أو استينافا كان جيّدا.
قال:
و زعم يونس أنّ من العرب من يقول: النازلون، و الطيبين.
قال:
و زعم الخليل أنّ نصب هذا على أنّك لم ترد أن تحدّث الناس و لا من تخاطب بأمر
جهلوه، و لكنّهم علموا من ذلك ما قد علمت، فجعلته ثناء و تعظيما. و نصبه على
الفعل، كأنّه قال: اذكر أهل ذاك و اذكر المقيمين. و لكنّه فعل لا يستعمل إظهاره. و
هذا شبيه بقوله: إنّا بني فلان نفعل كذا ... على الاختصاص افتخارا و ابتهاءا.
قال:
و من هذا الباب في النكرة قول اميّة بن أبي عائذ:
و يأوي إلى نسوة عطّل
و شعثا مراضيع مثل السعالي
قال
الخليل: كأنّه قال: و اذكرهنّ شعثا. غير أنّه على الذمّ.[5]
[1] - كان سيبويه يحترم من آراء يونس. و الزعم هنا
بمعنى الرأي و النظر.