responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الأثرى الجامع المؤلف : المعرفت، الشيخ محمد هادي    الجزء : 1  صفحة : 64

أسلوب القرآن‌

أسلوب القرآن أسلوب خطاب لا أسلوب كتاب! هناك الفارق كبير بين أسلوب الخطابة و أسلوب الكتابة.

فأسلوب الكتابة يستدعي انسجاما و التئاما بين التعابير و الجمل و التراكيب، و اتّساقا ظاهرا في نمط البيان. و ليكون مركّزا على صلب موضوع البحث، من غير خروج و لا التفات في صياغة الكلام، و لا يعتمد سوى القرائن الحافّة المتّصلة، ليدلّ عليها مساق الكلام. و العمدة: اتّجاه سياقة التعبير نحو عامّة القارئين، الموجودين و الغائبين و من يأتي على مرّ العصور، ليكون الغالب على صياغة الجمل و التراكيب الكلاميّة، أن تكون على نحو القضايا الحقيقيّة، الجارية مع الأبد، و الشاملة لكلّ من تلبّس بوصف الموضوع على العموم.

اللّهم إلّا أن تكون الكتابة شخصيّة في نحو الرسائل المتبادلة بين الناس.

أمّا أسلوب الخطابة فيختلف عن ذلك تماما، حيث المراعى فيه هي حالة المخاطبين المشافهين ممّن شهد المحضر فحسب، و يجوز الاعتماد على قرائن منفصلة عن الكلام، تكون حاضرة و مشهودة لدى المشافهين.

كما و يكثر في أسلوب الخطابة، الالتفات و التنقّل و المداورة في لحن البيان، الأمر الذي لا ينبغي في كتابة العلوم و المعارف على أيّ حال.

ففي قوله تعالى- حكاية عن العزيز-: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ‌[1]. مداورة في لحن الخطاب، تبدو عجيبة، فهو في كلام واحد، يوجّه خطابه أوّلا إلى يوسف يستمليه و يسترعي جانبه، ثمّ إلى زليخا يعاتبها و يوبّخها، اعتمادا على قرينة المشافهة و الخطاب.

كما و قد يفاجأ بالكلام عن شخص أو أشخاص لا سابقة لذكرهم في المقال.

قوله تعالى: عَبَسَ وَ تَوَلَّى. أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‌. وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى‌ إلى قوله: وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى‌. وَ هُوَ يَخْشى‌. فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى‌[2].

ففي هذه الآيات ملامة و عتاب، ملامة لمن عبس بوجهه و لوى بجانبه، عند ما جاءه ضرير


[1] يوسف 12: 29.

[2] عبس 80: 1- 10.

اسم الکتاب : التفسير الأثرى الجامع المؤلف : المعرفت، الشيخ محمد هادي    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست