هذا بشأن
أهل الاعتدال منهم، و أمّا أرباب الشطط منهم فلنا معهم مقال آخر في مجال يأتي.
تأويل
أو أخذ بفحوى الآية العامّ
و
بتعبير أدقّ: كانت تأويلات أهل التحقيق أخذا بفحوى الآية العامّ، المستحصل من بطن
الآية، حيث استخلاص مفهوم عامّ، بعد إعفاء الخصوصيّات المكتنفة غير الدخيلة في أصل
المقصود. فكان أخذا بدلالة الالتزام- و قد كانت خفيّة- بعد تبيين، و من ثمّ كانت
جارية مجرى ظاهر السياق و على أساليب مفاهيم الكلام عند أهل اللسان و لا سيّما إذا
كانت مدعمة بشواهد من الكتاب أو السنّة أو دلالة العقل الرشيد.
و
قد عرفت في كلام سهل أنّه استند في تأويل قوله تعالى: وَ ما
يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ[1]
إلى قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «الشرك في أمّتي أخفى من دبيب النمل
على الصفا»[2]. قال سهل:
هذا باطن الآية[3].
فهم
يجرون في دلالة بطون القرآن مع ظهورها وفقا مع الشروط المعتبرة، فلا تحميل و لا
تفسير بالرأي. هذا إذا لم يتساهلوا كما تساهل بعضهم من أهل الاسترسال.
تأويلات
مأثورة عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام
و
من هذا النمط الصحيح تأويلات مأثورة عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام كانت جارية
مجراها الصحيح بشكل أدقّ.
و
قبل أن نذكر موارد منها لا بدّ من التنبيه على نكتة هي: أنّ الوضع عن لسان الأئمة
كثير، و كذا دسّ أهل التزوير من الغلاة و منهم الباطنيّة شيء وفير، و قد ملئوا
منها كتبا و دفاتر و ربما و سموها باسم الشيعة، و لها معنى عامّ يشمل الإماميّة و
غيرهم من المنتحلين بولاء أهل البيت في ظاهر الأمر، و طابعهم المغالاة التي تأباها
طبيعة مذهب الشيعة الأصيل و قد بنيت أركانه على التحقيق و التدقيق و على أساس
البرهان الحكيم و رفض الدخائل و المبتدعات في الدّين من أوّل يومهم.