responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الأثرى الجامع المؤلف : المعرفت، الشيخ محمد هادي    الجزء : 1  صفحة : 33

نعم لا بدّ أن نلحظ مقارنات الآية و ملابساتها حسب التنزيل، فما كان له دخل في صلب رسالتها أبقيناه و ما لا دخل له أعفيناه و ذلك على طريقة السبر و التقسيم المنطقي‌[1].

ففي آية السؤال من أهل الذكر[2] نرى أنّها نزلت بشأن المشركين لمكان جهالتهم بأصول النبوّات.

لكنّ المشركين بما أنّهم مشركون لا مدخل لهم في الأمر، و إنّما موضع جهالتهم بالذات. و كذا لم يكن لخصوص مسألة إمكان نبوّة بشر مدخل، بل كلّ أمر جهلوه سواء من الأصول أم الفروع.

و هكذا الرجوع إلى اليهود و مساءلة أهل الكتاب، إنّما كان لأجل كونهم أهل علم و عارفين بما يجهله المشركون.

فلو أعفينا تلك الملابسات، و أخذنا بلبّ الكلام، لكان المستخرج المستخلص منه: أنّ على كلّ جاهل في أيّ مسألة من المسائل، أن يراجع العلماء في ذلك. و هذا هو فحوى الآية الشامل و هي رسالة الآية العامّة إلى الملأ من العالمين.

و هكذا في جميع الآيات التي هي بظاهرها نزلت بشأن خاصّ، لا بدّ أنّ في طيّها رسالة عامّة هي أوسع و أشمل من ظاهر التنزيل و بذلك يخرج القرآن عن كونه معالجة لقضايا خاصّة ترتبط و شئون أقوام عايشوه. و من ثمّ فالعبرة ببطن القرآن العامّ لا بظهره الخاصّ.

لكنّ العمدة إحكام طريقة هذا الاستخلاص فلا يكون تحميلا أو تفسيرا بالرأي! فلا بدّ من ضابط يضبط جميع أطرافه و أن لا يشذّ منه شي‌ء.

ضابطة التأويل‌

فإذ كان للتفسير ضابطة يجب مراعاتها لئلّا يكون تفسيرا بالرأي، فأجدر بالتأويل- و هو أفخم شأوا و أخطر جانبا من التفسير- أن تكون له ضابطة تجمع أطرافه و تمنع الدخائل. فرعاية


[1] برهان« السبر و التقسيم» عبارة عن عدّ جميع المحتملات الممكنة أو المفروضة، ثمّ يقام الدليل على نفي واحد واحد، حتّى ينحصر الأمر في واحد منها ليتعيّن كونه العلّة الموجبة للثبوت، و بذلك يستكشف ملاك الحكم المترتّب على موضوع ذي عناوين متعدّدة.

و من شرطه ليكون برهانا حقيقيّا، أن تحصر المحتملات حصرا عقليّا من طريق القسمة الثنائيّة التي تتردّد بين النفي و الإثبات. و إلّا فيمكن أن تكون هناك محتملات أخرى وراء هذا المفروض فلا يوجب اليقين. راجع: أصول الفقه للمظفّر 2: 189، الباب 8( القياس) مطبعة النعمان- النجف 1967 م- 1386 ه و المنطق للمظفّر أيضا 1: 111 و 2: 132. مطبعة الزهراء- بغداد 1957 م- 1377 ه.

[2] النحل 16: 43.

اسم الکتاب : التفسير الأثرى الجامع المؤلف : المعرفت، الشيخ محمد هادي    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست