هب أنّ كلمة
في السريانيّة [أو في غيرها من اللغات] جاءت مشابهة للفظة القرآن أو الفرقان، أ
فلا يمكن أن يدّعى أنّ تلك اللفظة هي المأخوذة عن العربيّة؟! و لم لا تكون هناك
كلمات متشابهة في لغات متجاورة، و من يدري أيّ الوضعين كان أسبق من الآخر في وقته؟[1]
التفسير
في مراحل التكوين
نزل
القرآن هدى و بصائر للناس و تبيانا لكلّ شيء في بيان واضح و برهان لائح، لا غبار
عليه و لا عثار لديه و قد كان المسلمون- على صفاء أذهانهم إذ ذاك- يستسيغون فهم
معانيه، و يستجيدون نظم لئالئه، بكلّ يسر و سهولة، حيث قد نزل القرآن بلغتهم و على
أساليب كلامهم المعروف. و لئن كاد قد يوقف بهم إجمال لفظ أو إبهام معنى، فإنّ
الوقفة لم تكن لتطول بهم، و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بين أظهرهم و في
متناولهم القريب، فكان إذ ذاك يزيح علّتهم و يكشف النقاب عن وجه الإشكال، إذ كان
عليه البيان كما كان عليه البلاغ، قال تعالى: وَ
أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ
لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[2].
و
هكذا استمرّ المسلمون في مراجعة القرآن و استنطاقه في شتّى مسائلهم في الحياة، و
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى جنب القرآن مفسّرا و مبيّنا لشرح ما أجمل
من تشريع أو أبهم من برهان.
أضف
إليه جانب تصدّيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لتعليم الصحابة مناهج تلاوته و
مباهج بيّناته عملا يوميّا كلّ يوم آيا بعدد.
[م/
26] قال ابن مسعود: كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوز هنّ حتّى يعرف
معانيهنّ و العمل بهنّ[3].
[م/
27] و قال أبو عبد الرحمن السّلمي: حدّثنا الذين كانوا يقرءوننا أنّهم كانوا
يستقرءون من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فكانوا إذا تعلّموا عشر آيات لم
يخلّفوها حتّى يعلموا بما فيها من العمل. قال: فتعلّمنا القرآن و العمل جميعا[4].