responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناقب آل أبي طالب - ط علامه المؤلف : ابن شهرآشوب    الجزء : 4  صفحة : 149

تُذَكِّرُوهُ اللَّهَ وَ تَدْعُوهُ إِلَى الْبُقْيَا[1] عَلَى نَفْسِهِ وَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بَقِيَّةُ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ قَدِ انْخَرَمَ أَنْفُهُ وَ نُقِبَتْ جَبْهَتُهُ‌[2] وَ رُكْبَتَاهُ وَ رَاحَتَاهُ أَذَابَ نَفْسَهُ فِي الْعِبَادَةِ فَأَتَى جَابِرٌ إِلَى بَابِهِ وَ اسْتَأْذَنَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي مِحْرَابِهِ قَدْ أَنْصَبَتْهُ‌[3] الْعِبَادَةُ فَنَهَضَ عَلِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ سُؤَالًا خَفِيّاً أَجْلَسَهُ بِجَنْبِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ جَابِرٌ يَقُولُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ لَكُمْ وَ لِمَنْ أَحَبَّكُمْ وَ خَلَقَ النَّارَ لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ وَ عَادَاكُمْ فَمَا هَذَا الْجَهْدُ الَّذِي كَلَّفْتَهُ نَفْسَكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ فَلَمْ يَدَعِ الِاجْتِهَادَ وَ تَعَبَّدَ هُوَ بِأَبِي وَ أُمِّي حَتَّى انْتَفَخَ السَّاقُ وَ وَرِمَ الْقَدَمُ وَ قِيلَ لَهُ أَ تَفْعَلُ هَذَا وَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ‌ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ قَالَ أَ فَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ جَابِرٌ وَ لَيْسَ يُغْنِي فِيهِ قَوْلُ قَائِلٍ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ الْبُقْيَا عَلَى نَفْسِكَ فَإِنَّكَ مِنْ أُسْرَةٍ بِهِمْ يُسْتَدْفَعُ الْبَلَاءُ وَ تُسْتَكْشَفُ‌[4] اللَّأْوَاءُ وَ بِهِمْ تُسْتَمْسَكُ السَّمَاءُ فَقَالَ يَا جَابِرُ لَا أَزَالُ عَلَى مِنْهَاجِ أَبَوَيَّ مُؤْتَسِياً بِهِمَا حَتَّى أَلْقَاهُمَا فَأَقْبَلَ جَابِرٌ عَلَى مَنْ حَضَرَ فَقَالَ لَهُمْ مَا رُئِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِلَّا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ وَ اللَّهِ لَذُرِّيَّةُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ ذُرِّيَّةِ يُوسُفَ.

الصَّادِقُ ع‌ وَ لَقَدْ دَخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى أَبِيهِ ع فَإِذَا هُوَ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ وَ قَدِ اصْفَرَّ لَوْنُهُ مِنَ السَّهَرِ وَ رَمِضَتْ عَيْنَاهُ‌[5] مِنَ الْبُكَاءِ وَ دَبِرَتْ جَبْهَتُهُ مِنَ السُّجُودِ وَ وَرِمَتْ قَدَمَاهُ مِنَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَلَمْ أَمْلِكْ حِينَ رَأَيْتُهُ بِتِلْكَ الْحَالِ مِنَ الْبُكَاءِ فَبَكَيْتُ رَحْمَةً لَهُ وَ إِذَا هُوَ يُفَكِّرُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مِنْ دُخُولِي فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَعْطِنِي بَعْضَ تِلْكَ الصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا عِبَادَةُ عَلِيٍّ فَأَعْطَيْتُهُ فَقَرَأَ فِيهَا يَسِيراً ثُمَّ تَرَكَهَا مِنْ يَدِهِ تَضَجُّراً وَ قَالَ مَنْ يَقْوَى عَلَى عِبَادَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.


[1] البقياء: الاسم من ابقيت عليه ابقاء إذا رحمته و اشفقت عليه و منه الحديث: النار لا تبقى على من تضرع إليها اي لا ترحمه.

[2] الانخرام: انشقاق وترة الانف و في الكلام كناية عن شدة المشقة. و نقبت جبهته:

اى تخرقت.

[3] أي اتعبه و اعيته، و في بعض النسخ« أنضبته» بالمعجمة و هو مصحف.

[4] اللأواء: الشدة و المحنة.

[5] رمضت عينه: حميت حتّى كادت أن تحترق.

اسم الکتاب : مناقب آل أبي طالب - ط علامه المؤلف : ابن شهرآشوب    الجزء : 4  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست