اسم الکتاب : الجواهر السنية في الأحاديث القدسية المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 1 صفحة : 14
خلقتهم لأبلوهم في كلّ حالاتهم.
قال آدم: يا ربّ، أ
تأذن لي بالكلام فأتكلّم؟ قال اللَّه عزّ و جلّ: تكلّم فإنّ روحك من روحي و طبيعتك
خلاف كينونتي.
فقال آدم: يا ربّ، فلو
كنت خلقتهم على مثال واحد و قدر واحد و طبيعة واحدة و جبلّة واحدة و أرزاق واحدة و
أعمار سواء لم يبغ بعضهم على بعض و لم يكن بينهم تحاسد و تباغض و لا اختلاف في
شيء من الأشياء.
قال اللَّه عزّ و جلّ:
يا آدم. بروحي نطقت و بضعف طبيعتك تكلّفت ما لا علم لك به، و أنا اللَّه الخلّاق
العليم، بعلمي خالفت بين خلقي، و بمشيئتي يمضي فيهم أمري، و إلى تدبيري و تقديري
صائرون، لا تبديل لخلقي.
إنّما خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ ليعبدوني، و خلقت الجنّة لمن عبدني و أطاعني منهم و اتّبع
رسلي و لا ابالي، و خلقت النار لمن كفرني و عصاني و لم يتّبع رسلي و لا ابالي، و
خلقتك و خلقت ذرّيّتك من غير فاقة بي إليك و إليهم. و إنّما خلقتك و خلقتهم لأبلوك
و أبلوهم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا في دار الدنيا في حياتكم و قبل مماتكم، و لذلك
خلقت الدنيا و الآخرة، و الحياة و الموت، و الطاعة و المعصية، و الجنّة و النار.
و كذلك أردت في تدبيري
و تقديري و بعلمي النافذ فيهم، خالفت بين صورهم و أجسامهم و ألوانهم و أعمارهم و
أرزاقهم و طاعتهم و معصيتهم، فجعلت منهم الشقيّ و السعيد، و البصير و الأعمى، و
القصير و الطويل، و الجميل و الذميم، و العالم و الجاهل، و الغنيّ و الفقير، و
المطيع و العاصي، و الصحيح و السقيم، و من به الزمانة و من لا عاهة به، فينظر
الصحيح إلى من به العاهة فيحمدني على عافيته، و ينظر الذي به العاهة إلى الصحيح
فيدعوني و يسألني أن اعافيه، و يصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي، و ينظر الغنيّ
إلى الفقير فيحمدني و يشكرني، و ينظر الفقير
اسم الکتاب : الجواهر السنية في الأحاديث القدسية المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 1 صفحة : 14