اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 76
و اعقلي إن كنت لما تعقلي
و لقد أفلح من كان عقل
قال و من هذا الوجه يجوز أن يقال ان الله عاقل كما يقال له
حافظ الا أنه لم يستعمل فيه ذلك، و قيل العقل يفيد معنى الحصر و الحبس، و عقل
الصبي اذا وجد له من المعارف ما يفارق به حدود الصبيان[1] و سميت المعارف التي تحصر معلوماته
عقلا لأنها أوائل العلوم ألا ترى أنه يقال للمخاطب اعقل ما يقال لك[2] أي احصر معرفته
لئلا يذهب عنك، و خلاف العقل الحمق و خلاف العلم الجهل، و قيل لعاقلة الرجل عاقلة
لأنهم يحبسون عليه حياته، و العقال ما يحبس الناقة عن الانبعاث، قال و هذا أحب الي
في حد العقل من قولهم هو علم بقبح القبائح و المنع من ركوبها لأن في أهل الجنة
عقلا[3] لا يشتهون
القبائح و ليست علومهم منعا، و لو كان العقل منعا لكان الله تعالى عاقلا لذاته و
كنا معقولين لأنه الذي منعنا، و قد يكون الانسان عاقلا كاملا مع ارتكابه القبائح،
و لما لم يجز أن يوصف الله بأن له علوما حصرت معلوماته لم يجز أن يسمى عاقلا و ذلك
أنه عالم لذاته بما لا نهاية له من المعلومات، و لهذه العلة لم يجز أن يقال ان
الله معقول لنا لأنه[4] لا يكون
محصورا بعلومنا كما لا تحيط به علومنا.
(الفرق) بين العقل و الأرب
أن قولنا الأرب يفيد
وفور العقل من قولهم عظم مؤرب اذا كان عليه لحم كثير وافر، و قدح أريب و هو المعلى
و ذلك أنه يأخذ النصيب المؤرب[5] أي الوافر.
(الفرق) بين العقل و اللب
أن قولنا اللب يفيد أنه
من خالص صفات الموصوف به، و العقل يفيد أنه يحصر معلومات الموصوف به فهو مفارق له
من هذا الوجه، و لباب الشيء و لبه خالصه و لما لم يجز أن يوصف الله
[1] من هنا الى( الفرق بين العلم و الشهادة) غير
موجود في التيمورية بل في الأصل و السكندرية.