responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري    الجزء : 1  صفحة : 40

و يجوز أن يحمد الانسان نفسه في أمور جميله يأتيها و لا يجوز أن يشكرها لأن الشكر يجري مجرى قضاء الدين و لا يجوز أن يكون للانسان على نفسه دين فالاعتماد في الشكر على ما توجبه النعمة و في الحمد على ما توجبه الحكمة. و نقيض الحمد الذم الا على اساءة و يقال الحمد للّه على الاطلاق و لا يجوز أن يطلق الا لله لان كل إحسان فهو منه في الفعل أو التسبيب و الشاكر هو الذاكر بحق المنعم بالنعمة على جهة التعظيم و يجوز في صفة اللّه شاكر مجازا و المراد أنه يجازى على الطاعة جزاء الشاكرين على النعمة و نظير ذلك قوله تعالى‌ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً)^ و هذا تلطف الاستدعاء الى النفقة في وجوه البر و المراد أن ذلك بمنزلة القرض في ايجاب الحق، و أصل الشكر إظهار الحال الجميلة فمن ذلك دابة شكور إذا ظهر فيه السمن مع قلة العلف و أشكر الضرع اذا امتلأ و أشكرت السحابة امتلأت ماءا و الشكير قضبان غضة تخرج رخصة بين القضبان العاسية و الشكير من الشعر و النبات صغار نبت خرج بين الكبار مشبهة بالقضبان الغضة، و الشكر بضع المرأة و الشكر على هذا الاصل إظهار حق النعمة لقضاء حق المنعم كما أن الكفر تغطية النعمة لابطال حق المنعم فان قيل أنت تقول الحمد لله شكرا، فتجعل الشكر مصدرا للحمد، فلو لا اجتماعهما في المعنى لم يجتمعا في اللفظ، قلنا هذا مثل قولك قتلته صبرا[1] و أتيته سعيا و القتل غير الصبر و الاتيان غير السعي، و قال سيبويه هذا باب ما ينصب من المصادر لانه حال وقع فيها الأمر و ذلك كقولك قتلته صبرا و معناه أنه لما كان القتل يقع على ضروب و أحوال بين الحال التي وقع فيها القتل و الحال التي وقع فيها الحمد فكأنه قال قتلته في هذه الحال، و الحمد لله شكرا أبلغ من قولك الحمد لله حمدا لأن ذلك للتوكيد و الاول لزيادة معنى و هو أي أحمده في حال إظهار نعمه علي.


[1] القتل صبرا هو أن يوثق الشي‌ء و يرمى حتى يموت.

اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري    الجزء : 1  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست