اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 269
و يدل على هذا أصل الكلمة و هو الأنس و الأنس خلاف الوحشة و
الناس يقولون إنسي و وحشي، و أما قولهم إنسي و وحشي و الانس و الجن، أجري في هذا
مجرى الوحش فاستعمل في مضادة الانس، و الانسان يقتضي مخالفته البهيمية فيذكرون
أحدهما في مضادة الآخر و يدل على ذلك أن اشتقاق الانسان من النسيان و أصله انسيان
فلهذا يصغر فيقال أنيسان، و النسيان لا يكون الا بعد العلم فسمي الانسان انسانا
لأنه ينسى ما علمه و سميت البهيمة بهيمة لأنها أبهمت على العلم و الفهم و لا تعلم
و لا تفهم فهي خلاف الانسان، و الانسانية خلاف البهيمية في الحقيقة و ذلك أن الانسان
يصح أن يعلم إلا أنه ينسى ما علمه و البهيمة لا يصح أن تعلم.
(الفرق) بين الناس و الورى
أن قولنا الناس يقع على
الاحياء و الأموات، و الورى الأحياء منهم دون الأموات، و أصله من ورى الزنديري اذا
أظهر النار، فسمي الورى ورى لظهوره على وجه الأرض، و يقال الناس الماضون و لا يقال
الورى الماضون.
(الفرق) بين العالم و الناس
أن بعض العلماء قال أهل
كل زمان عالم و أنشد^
و خندف هامة هذا العالم
^
و قال غيره ما يحوي الفلك عالم، و يقول الناس العالم السفلي يعنون الأرض و ما
عليها و العالم العلوي يريدون السماء و ما فيها و يقال على وجه التشبيه الانسان
العالم الصغير و يقولون الى فلان تدبير العالم يعنون الدنيا، و قال آخرون: العالم
اسم لأشياء مختلفة، و ذلك أنه يقع على الملائكة و الجن و الانس و ليس هو مثل الناس
لأن كل واحد من الناس انسان و ليس كل واحد من العالم ملائكة.
(الفرق) بين العالم و الدنيا
أن الدنيا صفة و العالم
اسم تقول العالم السفلي و العالم العلوي فتجعل العالم اسما و تجعل العلوي و السفلي
صفة و ليس في هذا إشكال فأما قوله تعالى (وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ)^ ففيه حذف أي
دار الساعة الآخرة و ما أشبه ذلك.
اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 269